مع وصفهم لذلك الوافد بكلمة «الغلام» ، المشعرة بتميّز عمرو عليه بالسن ، وبالتجربة ، وبالموقعية ، وما إلى ذلك ..
ثم وصفوا هذا الغلام ب «القرشي» ليشعر ذلك بغربته ، وبالإختلاف معه في العدنانية والقحطانية ، وفي طبيعة الحياة ، فإن هذا الوافد حضري ، يفترض أن تكون حياته أقرب إلى الراحة والسعة والرفاه ، أما عمرو وقومه ، فإنهم يعيشون حياة البداوة والخشونة ، ويدّعون لأنفسهم الإمتياز بالقدرة على تحمل المكاره ومواجهة الصعاب والإعتزاز بالشجاعة وبالفروسية وما إلى ذلك ..
ولكن كل ذلك لم ينفع ، بل هو قد زاد من مرارة الهزيمة التي حلت بعمرو ، ومما زاد في خزي عمرو أن هزيمته قد جاءت بعد أن استعرض قوته أمام الملأ ، قائلا : من يبارز؟
وكان يرى أن الناس يهابونه ، وأنه يكفي أن يذكر لهم اسمه حتى تتبدل أحوالهم ، ويتخذون سبيل الإنسحاب من ساحة المواجهة ، بكل حيلة ووسيلة ، وإذ به يرى أن هؤلاء يتنافسون على مبارزته ، وعلى سفك دمه.
وكان الأخطر والأمرّ ، والأشر والأضر هو : هزيمة عمرو أمام نفس هذا الغلام القرشي من مجرد صيحة صدرت منه ، دون أن يلوح له بسيف ، أو يشرع في وجهه رمحا!!
فما هذه الفضيحة النكراء ، والداهية الدهياء؟!
ثم كان الأخزى من ذلك ، والأمضّ ألما ، والأعظم ذلا أن يقتل هذا الغلام القرشيّ على حد تعبيرهم أخا عمرو وابن أخيه ، ويسبي ريحانة بنت سلامة زوجة عمرو ، بالإضافة إلى نساء أخريات.
ثم انصرف أمير المؤمنين «عليهالسلام» مطمئنا إلى عدم جرأة عمرو