احتفاظه به ، ولا لأن ذلك يورد عليه نقصا ، أو يسبب له عجزا ، أو يوجب له ألما ، وأذى كشخص.
وإذن ، فهذا البكاء لم يكن أنانيا بل هو بكاء إنساني ، إذ إن حالة إبراهيم لو وجدت في أي شخص آخر ـ قريبا كان أو غير قريب ـ فسيبكي له رسول الله «صلىاللهعليهوآله» ، كما بكى «صلىاللهعليهوآله» على عثمان بن مظعون ، وعلى الشهداء في مؤتة ، وفي مناسبات أخرى .. لأن بكاءه بكاء الرحمة ، وليس بكاء الحرص ، أو الشعور بالنقص ، أو للإحساس بالخسارة الشخصية.
وذلك كله يدلنا على كمال النبي «صلىاللهعليهوآله» في ميزاته وخصائصه ، وفي مشاعره ، وأحاسيسه ، الإنسانية. وعلى أن النبوة لا تمنع من هذا الكمال ، بل هي ترسخه وتؤكده.
٢ ـ إن النبي «صلىاللهعليهوآله» قد أوضح ما قصده حين نهى عن النياحة ، وأعطى الضابطة الصحيحة للحزن وللفرح على حد سواء.
فذكر «صلىاللهعليهوآله» : أن الحزن لا يبرر إطلاق الدعاوى الفارغة في الهواء ، والكذب ، ولا ينبغي أن يفسح المجال ليدخل إلى حياة الناس ، ولو على مستوى التعبير عن العاطفة .. ولا يجوز أن يجعل وسيلة لسلو المحزونين ، فإن الإحساس بنفع الكذب ولو بهذا المقدار يجرئ الناس على الاستفادة منه في كل موقع يرون أن لهم فيه فائدة شخصية ، وتصبح الفائدة الشخصية هي المعيار عندهم في الحلال والحرام. وتضيع المعايير الواقعية ، ويتلاشى تأثيرها.