تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَراتٍ) (١) ، وقال سبحانه : (فَلَعَلَّكَ باخِعٌ نَفْسَكَ عَلى آثارِهِمْ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهذَا الْحَدِيثِ أَسَفاً) (٢).
إلا أن يقال : إن كعب بن زهير كان لا يعرف الكثير عن رسول الله «صلىاللهعليهوآله» ..
خامسا : قد صرحت الروايات المتقدمة : بأن بجيرا قد ذهب إلى النبي «صلىاللهعليهوآله» وأسلم ، ثم كتب إلى أخيه كعب بن زهير يخبره بأن من عادة النبي «صلىاللهعليهوآله» : أنه لا يأتيه أحد يشهد أن لا إله إلا الله ، وأن محمدا رسول الله ، إلا قبل ذلك منه ، وأسقط ما كان قبل ذلك (٣).
فلما ذا يريد ترقيق رسول الله «صلىاللهعليهوآله»؟! ولما ذا يبحث عن أرقّ رجل في المدينة؟! فإنه كان يعلم أن المشكلة محلولة ..
وإنما قدم كعب إلى المدينة على هذا الأساس.
سادسا : قد يقال : إن كعبا إنما خاف أن يقتله أحد من المسلمين تنفيذا لأمر رسول الله «صلىاللهعليهوآله» ، الذي أهدر دمه ، فكان يحتاج إلى من يحميه من الناس إلى أن يصل إلى رسول الله «صلىاللهعليهوآله» ..
وجوابه : أن هذا غير وارد ، فإن المفروض : أن كعبا قد دخل المدينة ، وصار يسأل عن أرق الناس ، حتى وصل إلى أبي بكر ، ولم يقتله أحد .. فلما ذا لا يصل إلى النبي «صلىاللهعليهوآله» بنفس الطريقة؟! وهل كان وصوله
__________________
(١) الآية ٨ من سورة فاطر.
(٢) الآية ٦ من سورة الكهف.
(٣) سبل الهدى والرشاد ج ١٢ ص ٧٠ والإصابة ج ٣ ص ٢٩٥ والإستيعاب (بهامش الإصابة) ج ٣ ص ٢٩٨.