وهي رواية نشك في صحتها ، وذلك لما يلي :
أولا : إن ما تقدم عن العسقلاني يبين : أن كعبا قد وصل مباشرة إلى رسول «صلىاللهعليهوآله» ، ولم يتوسط له أحد ، لا أبو بكر ، ولا غيره.
ثانيا : إن الوساطة التي تذكرها هذه الرواية لم يكن لها أثر ، حيث إن الرجل جاء ملثما ، وقد مشى إلى النبي «صلىاللهعليهوآله» حتى صار عنده فبايعه ، ولم نجد أبا بكر قد شفع له ، أو تكلم في أمره ، أو هوّن من جرمه ، أو دفع أحدا عنه ، أو نحو ذلك.
ثالثا : هل صحيح أن أبا بكر كان أرقّ أصحاب رسول الله «صلىاللهعليهوآله»؟! فلما ذا إذن أصرّ على حرب الذين لم يعترفوا بخلافته ، وسفك دماءهم ، وسبى نساءهم ، بل أباح تلك النساء لقائد جيشه خالد بن الوليد ، ليزني بهن في ليلة قتل أزواجهن ، كما جرى لزوجة مالك بن نويرة ، حيث زنى خالد بزوجته بعد قتله مباشرة ، واعتبر أبو بكر فاعل ذلك سيف الله المسلول على أعدائه ، ومنحه وسام الإجتهاد ، لكي يثيبه على فعله هذا ثوابا واحدا على الأقل.
ولم تتحرك عاطفة أبي بكر ، ولم تظهر رقته لرأس مالك بن نويرة ، وهو يجعل أثفية للقدر التي كان خالد يهيّيء فيها وليمة زناه بزوجة ذلك المقتول صاحب الرأس في ليلة قتله.
رابعا : هل كان أبو بكر أرق من رسول الله «صلىاللهعليهوآله»؟! وهل يحتاج النبي «صلىاللهعليهوآله» إلى من يرققه على الآخرين ، في حين أنه هو الذي صرحت الآيات : بأن نفسه كانت تذهب حسرات على من يتخذ سبيل الشرك والإنحراف ، حتى لقد خاطبه الله تعالى بقوله : (فَلا