( هَبْنِي لابْتِداءِ كَرَمِكَ وَسالِفِ بِرِّكَ بِي )
هب : أمرٌ من الهبة ، وهي العطاء.
الكرم : كالموهبة من الله تعالىٰ ، إفادة ما ينبغي لا لعوض ولا لغرض ، كما مرّ الكلام في جوده تعالىٰ.
سالف الزمان : ما مضىٰ منه.
البِرّ : الإحسان ، وبالفتح بمعنىٰ : البارّ المحسن.
يريد السائل : أنّه لأجل ألطافك القديمة ، ومواهبك العظيمة العميمة السالفة التي أعطيتها لي في ابتداء وجودي إلىٰ الآن ، اغفر لي ذنوبي واعطني سؤلي ، فإنّك عوّدتني بمواهبك السنية ، ومراحمك البهية العلية.
( يا إلٰهي وَسَيِّدِي وَرَبّي ، أتُراكُ مُعَذِّبي بِنارِكَ بَعْدَ تَوحِيدِكَ )
الهمزة : للاستفهام الإنكاري ، و « تُرىٰ » : مضارع « رأىٰ » ، وقياسه : « ترأىٰ » في مضارعه ، كـ « تخشىٰ » ، ولكن العرب أجمعت علىٰ حذف الهمزة من مضارعه ، فقالوا : يرىٰ ، يريان ، يرون ، من الرؤية.
والكاف مفعوله الأول ، وجملة : ( معذّبي بنارك ) مفعوله الثاني ، وكلمة ( بعد ) من ظروف الغايات.
وتوحيده تعالىٰ تمييزه عن خلقه ، وحكم التمييز بينونة صفة لا بينونة عزلة ، فهو تعالىٰ واحد ؛ إذ ليس له شريك واحد ؛ لأنّه بسيط وليس له جزء.
وبين الأحدية
والواحدية ـ كما قرّر في محلّه ـ عموم من وجه ؛ لاجتماعهما في الحقّ البسيط الصرف المحض ، وفي العقول ، سيّما علىٰ مذهب الإشراقيين ؛
لأنّهم يقولون : إنّها وجودات وأنوار بحتة لا ماهية لها ، والتفاوت بينها وبين الوجود