الاختياري كما في العلماء المجاهدين الذين قتلوا أنفسهم بالرياضات والمجاهدات ، وارتكاب الأعمال الشاقة والمخالفة مع نفوسهم ، كما قال الله تعالىٰ : ( اقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ ) (١) و ( تُوبُوا إِلَى اللَّـهِ ) (٢).
فإذا بلغ الكلام إلىٰ هذا المقام فالأنسب أن نذكر الموتات الاختيارية الأربعة التي هي معتبرة عند أهل السلوك ، ومشار إليها في قوله صلىاللهعليهوآله : ( موتوا قبل أن تموتوا ) (٣).
فاعلم أنّ أقسام الموت الاختياري أربعة ، وقيل : ثلاثة ، بجعل أحد الأقسام ـ وهو الموت الأسود ـ في الموت الأحمر.
الأوّل : هو الموت الأبيض ، وهو عبارة عن الجوع الذي يصفو القلب به ، بل هو سحاب يمطر الحكمة ، كما قال صلىاللهعليهوآله : ( الجوع سحاب يمطر الحكمة ) (٤) وقال : ( الجوع طعام الله تعالىٰ ). فإذا اعتاد السالك نفسه بالتجوّع وقلّة الأكل والشرب ، ابيّض قلبه وسرىٰ الابيضاض في وجهه ، فحينئذٍ مات موتاً أبيض.
والثاني : الموت الأخضر ، وهو عبارة عن لبس المرقّع ، وهو الثوب الموصل من الخرق الملقاة في الطّرق ، التي لا قيمة لها ، كما قال أمير المؤمنين عليهالسلام : ( والله لقد رقَّعت مدرعتي هذه ، حتّىٰ استحييت من راقعها ، فقال لي قائل : ألا تنبذها عنك ؟ فقلت : اعزب عنّي ، فعند الصباح بحمد القوم السرى ) (٥).
فإذا قنع السالك من اللباس بالثوب المرقّع اخضرّ عيشه ، ووجدت نضارة في وجهه ، مات بالموت الأخضر.
والثالث : الموت الأحمر ، وهو عبارة عن المجاهدة مع النفس ، ويسمّىٰ بالجهاد
_____________________________
(١) « النساء » الآية : ٦٦. |
(٢) « النور » الآية : ٣١. |
(٣) « بحار الأنوار » ج ٦٦ ، ص ٣١٧ ، ج ٦٩ ، ص ٥٩.
(٤) انظر « الاُصول الأصيلة » ص ١٦٥. |
(٥) « نهج البلاغة » الخطبة : ١٦٠. |