( وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللَّـهُ وَاللَّـهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ ) (١).
وقيل : مكره تعالىٰ : استدراج العبد الماكر من حيث لا يعلم.
وقيل : مكره : إرداف النعم مع المخالفة ، وإبقاء الحال مع سوء الأدب ، وإظهار خوارق العادات التي من قبيل الاستدراجات (٢).
وقيل : إنَّ المكر والغضب والحياء والخدعة والتردّد وسائر صفات المخلوقين إذا اُسندت إليه تعالىٰ يراد منها الغايات لا المبادئ ، مثلاً قوله تعالىٰ في الحديث القدسي : ( ما تردّدت في شيء أنا فاعله كترددي في قبض روح عبدي المؤمن ، إنّني لاُحبُّ لقاءه ويكره الموت فأصرفه عنه ) (٣).
فالمراد من معنىٰ التردد في هذا الحديث : إزالة كراهة الموت عنه ، وهذه الحالة تقدّمها أحوال كثيرة من مرض وهرم وزمانة وفاقة وشدّة بلاء ، تهوّن علىٰ العبد مفارقة الدنيا ، ويقطع عنها علاقته ، حتّىٰ إذا يئس منها تحقّق رجاؤه بما عند الله ، فاشتاق إلىٰ دار الكرامة ، فأخذ المؤمن عمّا تشبّث به من أسباب الدنيا وحبّها شيئاً فشيئاً بالأسباب المذكورة ، مضاهي فعل التردد من حيث الصفة ، فعبّر تعالىٰ به.
( وَظَهَرَ أَمْرُكَ )
أمره التكويني : هو كلمة « كُن » الوجودية التي جميع الأشياء ظاهرة بها ، وهي ظاهرة بذاتها لا لذاتها ، بل لعلّتها التي هي ذات الله العليا.
وأمره التشريعي والتكليفي : هو ما جاء به الأنبياء من الأوامر والنواهي التي
_____________________________
(١) « آل عمران » الآية : ٥٤. |
(٢) انظر « شرح الأسماء » ص ٢٢٠. |
(٣) « الكافي » ج ٢ ، ص ٢٤٦ ، ح ٦ ، « بحار الأنوار » ج ٦٤ ، ص ٦٥ ـ ٦٦.