الأكبر ، كما قال صلىاللهعليهوآله حين رجوعه من بعض غزواته : ( قد رجعنا من الجهاد الأصغر ، عليكم بالجهاد الأكبر ) قالوا : وما الجهاد الأكبر ؟ قال : ( مخالفة النفس ) (١).
فإذا خالف السالك أهوية نفسه ، وعَبدَ الله تعالىٰ ، وقوىٰ عقله في الطاعات وتحصيل المعارف ، فقد مات بالموت الأحمر ؛ لإهراق دم النفس.
والرابع : الموت الأسود ، وهو عبارة عن تحمل الملامة والأذىٰ من الشامتين اللائمين ، في حبّ الله تعالىٰ ، ومحبّة أوليائه من النبيين والشهداء والصدّيقين ، كما قال الله تعالىٰ : ( يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّـهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ ) (٢). وقال الشاعر :
أجدُ المَلامَةَ في هَواكَ لَذيذَةً |
|
حُبّاً لِذِكرِكَ فَلْيَلُمني اللُّوَّمُ (٣) |
فإذا لم يكترث السالك بتشنيع الواشين ولوم اللائمين في الحبّ ، مات بالموت الأسود.
وسرّ التسمية والتوصيف بهذه الأوصاف واضحة.
أمّا في الأوّل ؛ لابيضاض وجه السالك بالجوع ، كما مرّ ، وفي الثاني لاخضرار عيشه بالقناعة ، وفي الثالث لإهراق دم النفس في الرياضة ، وفي الرابع لاسوداد وجه السالك بملامة الواشين.
ومنها : أنّ النور الحسّي له أوّل وله ثان ، وله مقابل ، ونور الوجود ليس له أوّل ولا ثانٍ ولا مقابل ؛ لأنّه واحد بالوحدة الحقّة الحقيقية ، ولا مضادّ له.
قال الشيخ المقتول شهاب الدين السهروردي ، رئيس الحكماء الإشراقيّين قدسسره : « وإخوان التجريد يشرق عليهم أنوار ، ولها أصناف :
_____________________________
(١) « الكافي » ج ٥ ، ص ١٢ ، ح ٣ ، « الحكمة البيضاء » ج ٥ ، ص ١٣ ، باختلاف.
(٢) « المائدة » الآية : ٥٤.
(٣) « مختصر المعاني » ص ٣٠٦ ، والقائل : هو أبو الشيص.