سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنفُسُكُمْ ) (١).
الرابعة : الملهمة ، وهي التي لا تزال مُلهمة بإلهام الله تعالىٰ أو الملك في مهمّاتها وطاعاتها ونسكها ، وفي الاطلاع علىٰ المغيبات ، أو في فجورها وغرورها ، كقوله تعالىٰ : ( فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا ) (٢). ولكن إلهام الفجور والمعصية خذلان وخسران لها ، وإلهام الطاعات والعبادات توفيق وإحسان لها من الله تعالىٰ.
الخامسة : المطمئنة ، وهي التي اطمأنّت بذكر الله ، وتوكّلت عليه في جميع الاُمور والأحوال ، وبردت ببرد اليقين ، ووقفت عن الكدّ والسعي في اُمور الدنيا ، وهي مقامها أعلىٰ وأشمخ من جميع مراتبها الاُخر ، وهي المخاطب بقوله تعالىٰ : ( يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ * ارْجِعِي إِلَىٰ رَبِّكِ رَاضِيَةً مَّرْضِيَّةً * فَادْخُلِي فِي عِبَادِي * وَادْخُلِي جَنَّتِ ) (٣).
فالنفس ذات عرض عريض ، وهي آية الله الكبرىٰ ، من عرفها فقد عرف الله ، ومن لم يعرفها فلم يعرف الله تعالىٰ. وآية التوحيد ؛ إذ هي بوحدتها كلّ الشؤون والصفات والمراتب ، كما أنه تعالىٰ بوحدته جميع الصفات الجمالية والجلالية واللطفية والقهرية ، وجهه تعالىٰ بوحدته كلّ الأفعال والآثار والوجودات والشؤون.
فجعل تعالىٰ في خلقة الإنسان ووجوده شيئاً من العناصر ، وشيئاً من الأفلاك والأملاك ، وشيئاً من العقول ، ونفخ فيه شيئاً من روحه ، وأودع فيها شؤوناً من شؤوناته ؛ لأنّه كما أنّ وجهه تعالىٰ في مقام طبع ، وفي مقام جسم ، وفي مقام نفس ، وفي مقام عقل أو في مقام ناسوت ، وفي مقام ملكوت ، وفي مقام جبروت ، وفي
_____________________________
(١) « يوسف » الآية : ١٨. |
(٢) « الشمس » الآية : ٨. |
(٣) « الفجر » الآية : ٢٧ ـ ٣٠.