( يا نُور )
النور قسمان :
حسّي : وهو الذي يجري علىٰ ظواهر السطوح ، وعُرّف بأنّه كيفيّة ظاهرة بذاتها مُظهرة لغيرها ، كالأنوار السراجية والكوكبية ، حتّىٰ أظلالها وأظلال أظلالها ، إلىٰ أن ينتهي إلىٰ الظلمة ، وهي عدم قاطبة النور.
ومعنوي : وهذا حقّ حقيقة الوجود ؛ لأنّها ظاهرة بذاتها ومظهرة لغيرها ، وهذا هو القدر المشترك بين جميع مراتب النور المعنوي أيضاً ، من الظل وظل الظل ، والضوء وضوء الضوء إلىٰ نور الأنوار ، والنيّر الحقيقي : ( اللَّـهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ) (١).
فمراتب الوجود ، من الحقائق والرقائق والأمثلة والأرواح والأشباح والأشعة والأظلّة ، كلّها أنوار بحقيقته النورية لتحقّق هذا المعنىٰ فيها ؛ لأنَّ حقيقة الوجود ظاهرة بذاتها ، ومظهرة بها جميع الماهيات والأعيان الثابتات التي بذاتها لا موجودة ولا معدومة ، ولا نورانية ولا ظلمانية ، بل الماهية من حيث هي.
قال الحكماء : إذا سُئل بطرفي النّقيض فالجواب السلب لجميع الأطراف.
ثمّ بين النورين الحسّي الظاهري العرضي والمعنوي الوجودي الحقيقي الذاتي فروق كثيرة ، كما قال صدر المتألّهين (٢) قدسسره وغيره من الحكماء.
منها : أنّ النور الحسّي العرضي ـ كنور الشمس مثلاً ـ قائم بغيره ، ونور الوجود قائم بذاته.
ومنها : أنّ النور الحسّي يجري علىٰ ظواهر السطوح والألوان المبصرة ، ونور
_____________________________
(١) « النور » الآية : ٣٥. |
(٢) « شرح الأسماء » ص ٢٦٩. |