والإلهام من فعل الله تعالىٰ ، أو مِن فعل الملك ، وهو الخاطر الذي بالقوّة والتسلّط وعدم الاندفاع ؛ إذ الخواطر والواردات علىٰ القلب أربعة أقسام :
رباني : ويسمّىٰ نقر الخاطر أيضاً.
وملكي : وهو الباعث علىٰ مندوب أو مفروض ، ويسمّىٰ إلهاماً
ونفساني : وهو ما فيه حظّ للنفس ، ويسمّىٰ هاجساً.
وشيطاني : هو الباعث علىٰ مخالفة الحقّ والعقل ، ويسمىٰ وسواساً.
وسيأتي زيادة توضيح لتلك الأقسام عند شرح : ( ونفسي بخيانتها ، ومِطالي ) إن شاء الله تعالىٰ.
وإن كان الإلهام فعل الملك فقط ، كما قال به بعض المحققين ، فإسناده إليه تعالىٰ من باب إسناد الفعل إلىٰ فاعله الحقيقي ، وانقطاعه عن الفاعل المجازي الذي هو في الحقيقة معدّ لا فاعل للشيء ؛ إذ جميع الملائكة جهات قادريته تعالىٰ ، وجنوده وأياديه الفعّالة العمّالة ، ومعطي الوجود ـ كما مرّ غير مرّة ـ ليس إلّا هو ، وقد أشار إليه القرآن الكريم بقوله تعالىٰ في مواضع كثيرة :
منها قوله : ( اللَّـهُ يَتَوَفَّى الْأَنفُسَ حِينَ مَوْتِهَا ) (١) ، ومنها قوله تعالىٰ : ( هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي الْأَرْحَامِ كَيْفَ يَشَاءُ ) (٢) ، ومنها قوله تعالىٰ : ( يُضِلُّ مَن يَشَاءُ وَيَهْدِي مَن يَشَاءُ ) (٣) إلىٰ غير ذلك.
( وَأَنْ تُلْهِمُني ذِكْرَكَ )
المراد بالذكر هنا : ما يتذكّر به الإنسان من الأذكار والأوراد التي بها يستمد من
_____________________________
(١) « الزمر » الآية : ٤٢. |
(٢) « آل عمران » الآية : ٦. |
(٣) « النحل » الآية : ٩٣.