حتّىٰ أن رزق الماهيات : الوجودات الخاصة.
وأمّا إنّ السائل مرحوم برحمته الرحيمية ، فأيمانه وأسئلته دالّة عليها دلالة واضحة.
( وبِقُوَّتِكَ الَتي قَهَرْتَ بِهَا كُلَّ شَيء )
المراد بالقوّة : القدرة ، لا استعداد الشيء ، كالتي هي قسط الهيولىٰ من مطلق الكمال ، كما عرفت بأنّها جوهر بالقوّة المحضة ، جنسها مضمّن في فصلها ، وفصلها مضمّن في جنسها. ولا من سنخ القوىٰ العشر التي أودعها الله تعالىٰ في الإنسان ، سبعة منها مدركة للجزئيات ، وهي : الواهمة المدركة للمعاني ، والحس المشترك ، والباصرة ، والسامعة ، والذائقة ، والشامّة ، واللامسة. واثنتان منها هما المحرّكة : محرّكة العاملة ومحرّكة الشوقية. وعاشرها : العقل ، أي العاقلة ، وهي المدركة للكلّيات ، وهي منشعبة إلىٰ أربع قوى :
أحدها : هي القوّة الغريزية التي يستعدّ بها الإنسان لإدراك العلوم النظرية ، ويفارق بها البهائم ، فكما أنَّ الحياة تهيئ الجسم للحركات الإرادية والإدراكات الحسيّة ، فكذا القوة الغريزية تهيئ الإنسان للعلوم النظرية والصناعات الفكرية.
الثانية : قوّة يحصل بها العلم بأنّ الاثنين مثلاً أكثر من الواحد ، والشخص الواحد لا يكون في زمانين ومكانين.
والثالثة : قوّة تحصل بها العلوم المستفادة من التجارب بمجاري الأحوال.
والرابعة : قوّة بها يعرف الإنسان عواقب الأمور ، فيقمع الشهوة الداعية إلىٰ اللذّة العاجلة ، ويتحمل المكروه العاجل لسلامة الآجل.