أقول : لمّا كانوا عليهمالسلام وسائط فيض الله تعالىٰ وجوده ، ومجالي نوره وظهوره ، ومكامن سرّه ، كما قال عليهالسلام ( بنا اهتديتم في الظلماء ، وتسنمتم العلياء وبنا انفجرتم عن السرار ... ) (١) ، أي صرتم ذوي فجر.
وقوله عليهالسلام : ( تسنّمتم العلياء ) أي ركبتم سنامها.
فما من نعمة فاضت علىٰ الخلق إلّا بواسطتهم وبأيديهم ، فهم النعم العظمىٰ ، والدولة القصوىٰ من الله تبارك وتعالىٰ في الآخرة والاُولىٰ ، كما قيل :
من فضل ربّهم ولاته ارتوتْ |
|
أنوارهم في نورهم قد انطوتْ |
وقرب فرض الكلّ مثل النفلِ |
|
كالفرع ثم قربهم كالأصلِ |
بأرضهم تستنسر البغاثُ |
|
والمستغيثين بهم أغاثوا |
مجد بناته وفضل كرم |
|
في غرف مبنية عليهم |
ثم إنّ النعم تشتمل النعم الباطنة من العلم والحكمة والعرفان ، والإيمان بالله وباليوم الآخر ، والأنبياء والرسل والأوصياء الاثني عشر ، عليهم صلوات الله الملك الأكبر إلىٰ يوم المحشر.
فالذنوب التي تغيّر تلك النعم وتذهب بنورها هي الخطيئات التي يعدّها أهل السلوك إلىٰ الله تعالىٰ أيضاً ذنباً ، كالتوجّه إلىٰ غيره تعالىٰ وترك الأولىٰ ، وكثرة الأكل والشرب والنوم ، وقلّة الاكتراث بالصلاة والصوم ، وكلّ ما كان من هذا القبيل من الهواجس النفسانية ، فضلاً عن الوساوس الشيطانية. فليتجنب العبد المؤمن عن جميع هذه الذنوب ، بعناية الله الحبيب المحبوب.
_____________________________
(١) « بحار الأنوار » ج ٣٢ ، ص ٢٣٧.