( لألِيمِ العَذابِ وَشِدَّتِهِ ، أوْ لِطُولِ البَلاءِ وَمُدَّتِهِ )
أليم : فعيل من الألم. وهو إدراك المنافر ، كما أنّ اللذة إدراك الملائم.
ومن قواعد الحكماء (١) أنَّ الشرّ عدمُ ذاتٍ أو عدمُ كمالٍ لذات ، ونوقضت هذه القاعدة بالألم ، حيث إنّه شرّ مع كونه وجودياً. فقد ذكروا في التفصّي عن نقض القاعدة أقوالاً.
والحقّ ما حقّقه صدر المتألهين السبزواري (٢) ، من أنّ الألم معدود من الخيرات ، لأنّه وجودي ، ولكنّه شرّ بالعرض بواسطتين :
إحداهما : تفرّق الاتصال.
والثانية : عدم الطاقة.
وقاعدة الحكماء غير منقوضة ، وهي أنّ كلّ ما هو شرّ بالذات فهو من أفراد العدم البتة. ثم إنّ الناس اختلفوا في سبب الألم : هل هو تفرّق الاتصال أو سوء المزاج ، أو قد يكون هذا وقد يكون ذلك ؟
فأكثر الأطباء ـ تبعاً لجالينوس ـ علىٰ الأول ، والإمام الرازي مع جماعة علىٰ الثاني ، والشيخ الرئيس علىٰ الثالث (٣).
ثمّ إنّ استعمال « المدّة » لبلاء الآخرة ، كسائر أسماء الزمان الذي استعمل في ثوابها وعقابها ، علىٰ سبيل المجاز ؛ لأنّها من الأسماء المبهمة للزمان ، والزمان ـ كما قرّر في محلّه ـ مقدار الحركة القطعية التي كانت للفلك الأقصىٰ (٤).
ودار الآخرة في باطن العالم الجسماني كذلك ثوابها وعقابها من سنخها ، وهي دار الصور الصرفة الغير الواغلة في المادة ، إذ عالم الصورة غير منحصر في هذا
_____________________________
(١) انظر « القبسات » ص ٤٣٠ ـ ٤٣١. |
(٢) « شرح الأسماء » ص ٦٨٣ ـ ٦٨٩. |
(٣) انظر « شرح الأسماء » ص ٦٨٧. |
(٤) انظر « شرح حكمة الإشراق » ص ٤٢٨. |