الوجود وسع كلّ شيء من المعقولات والمحسوسات ، من المبصرات والمسموعات والمذوقات والمشمومات والملموسات والمتخيّلات والموهومات ، وما وراء الحسّ والعقل.
ومنها : أنّ النور الحسّي انبسط علىٰ ظاهر الألوان ، ونور الوجود نفذ في أعماق المستنيرات وبواطنها ، حتىٰ لم يبق من المستنير سوىٰ الاسم.
ومنها : أنّ النور الحسّي لا شعور له ، وأنوار الوجود كلّها أحياء ، بعضها بالحياة العامّ ، وبعضها بالحياة الخاصّ ، وبعضها بالحياة الأخصّ ؛ إذ الحياة ثلاثة أقسام :
الأوّل : وهي الحياة العامة ، وهي التي في جميع الموجودات ، من الدرّة إلىٰ الذرّة ، هي نحو وجود الأشياء ، ولهذا قال تعالىٰ : ( وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ ) (١) ؛ إذ التسبيح فرع الشعور والحياة ، ومن الأشياء : الجماد والنبات ، ولو لم تكن حية لما تسبح بحمده تعالىٰ ، ولكنها حية بالحياة العامة.
الثاني : وهي الحياة الخاصّة ، هي التي مبدأ الدرك والفعل ، أدناها حياة الخراطين ، وأعلاها هي الحياة الواجبة بذاتها.
الثالث : وهي الحياة الأخصّ ، التي تختص بأهل العلم والعرفان والإيمان بالله ، وإلىٰ هذا أشار أمير المؤمنين عليهالسلام بقوله : ( الناس موتىٰ وأهل العلم أحياء ) (٢). وقال تعالىٰ : ( وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّـهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ ) (٣).
والمقتول هاهنا أعمّ من المقتول الاضطراريّ كما في الشهداء ، والمقتول
_____________________________
(١) « الإسراء » الآية : ٤٤. |
(٢) « ديوان الإمام علي » ص ٥. |
(٣) « آل عمران » الآية ١٦٩.