وقد حُدّد في علم الهيئة أنَّ أعظم الثوابت المرصودة مقدار جرمه مائتان واثنان وعشرون مثل مقدار جرم الأرض ، وأصغرها مقدار جرمه ثلاثة وعشرون مثل مقدار جرم الأرض. وأنّ مقدار جرم زحل من الكواكب السيارة اثنان وثمانون مثل جرم الأرض ، ومقدار جرم المشتري مائة وثمانون مثل مقدار جرم الأرض ، وأنّ مقدر المريخ ثلاثة أمثال مقدار الأرض ، ومقدار جرم الشمس ثلاثمائة وستة وعشرون مثل مقدار الأرض.
وهكذا سائر الثوابت والسيارات التي قد حدّدت مقاديرها ، ولا يعلم عددها إلّا هو ، وكذا طبقات الأرض ، من الطينية والصرفة ، والطبقة التي صارت مسكن المواليد الثلاثة.
وسائر المركّبات كلّها فعلٌ ؛ إمّا من أفاعيله ـ سبحانه ـ الحسّية ، وإمّا أفعاله المعنوية من العقول والنفوس ، والصور البرزخية التي لا يعلم حسابها إلّا الله تعالىٰ. بل من جملة أفعاله الحسية والمعنوية معاً خلقة الإنسان الذي هو جالس بين الحدّين ، وجامع للحسنيين ، وواسطة بين الإقليمين ، الذي فؤاده بيت يتراءىٰ فيه جميع أفعاله تعالىٰ ، من السماء والسماوي ، والأرض والأرضي ، بل كلّ إنسان مع ما في قلبه في قلب الأناسي الاُخر.
وبالجملة ، فبهذه يظهر عظمة الله تعالىٰ ، والوجود المنبسط الذي قد مرّ أنّه صنع الله وفعله ، طبق وملأ تجاويف الأشياء ، وهو كخيط ينظم شتاتها ، وجامع متفرّقاتها ، بحيث لا يعزب عن حيطته شيء. وقد مرّ أنه في العقل عقل ، وفي النفس نفس ، وفي الجوهر جوهر ، وفي العرض عرض ، وبذاته لا شيء منها.