فإذا حصلت تلك القوىٰ سُمّيّ صاحبها : عاقلاً ، فالأُولىٰ والثانية حاصلة بالطبع ، والثالثة والرابعة حاصلة بالاكتساب.
وإلىٰ ذلك أشار أمير المؤمنين عليهالسلام بقوله :
( رأيت العقل عقلين |
|
فمطبوع ومسموعُ |
ولم ينفعك مسموع |
|
إذا لم يك مطبوعُ |
كما لا تنقع الشمس |
|
وضوء العين ممنوعُ ) (١). |
وإنّما لا يجوز إطلاق القوة بهٰذه المعاني علىٰ الله تعالىٰ ؛ إذ جميع ذلك استعدادات وإمكانات وانفعالات وإن نعدّها وجودات ، فكانت من جملة قدرته الفعلية التي سنفصل لك ونبيّن أن جميعها جهات قادريته تعالىٰ.
بل القدرة ـ كالعلم ـ ذات مراتب ، ومرتبة منها هي الواجبة بذاتها ، وهي قدرته الذاتية ، ومرتبة منها عين الوجود المنبسط ، وهي قدرته الفعلية.
وجميع الأشياء مقدورات لله تعالىٰ بهذه القدرة الفعلية ، وانقهارها استهلاكها واضمحلالها تحتها ؛ لأنّها بذواتها ليست أشياء علىٰ حيالها ، ولهذا ورد عن الشرع الأنور : ( لا حول ولا قوّة إلّا بالله العلي العظيم ).
وقوله : ( وبقوّتك التي قهرت بها كلّ شيء ) أي بقوتك الفعلية التي هي تحت قدرتك الذاتية التي قهرت بها جميع المقدورات. والباء في قوله : ( بها ) سببية ، أو بمعنىٰ : مع.
( وَخَضَعَ لها كُلُّ شَيءٍ ، وذَلَّ لَها كُلُّ شَيء )
الضمائر الثلاثة راجعة إلىٰ القوة. والخضوع ـ كالخشوع ـ : التواضع خوفاً ورجاءً ، وقد يُفرّق بينهما بأنَّ الخضوع يستعمل في البدن ، والخشوع في الصوت (٢).
_____________________________
(١) « ديوان الإمام علي عليهالسلام » ص ٦١. |
(٢) انظر « الفروق اللغوية » ص ٢١٦ ، الرقم : ٨٤٤. |