ويدل على ذلك ما رواه الكشي في كتاب الرجال ، في الصحيح أو الحسن عن عبد الله بن زرارة ، قال : قال لي أبو عبد الله عليهالسلام : اقرأ مني على والدك السلام ، وقل له : انى إنما أعيبك دفاعا منى عنك ، فان الناس والعدو يسارعون الى كل من قربناه وحمدنا مكانه. لإدخال الأذى فيمن نحبه ونقربه ، ويذمونه لمحبتنا له وقربه ودنوه منا ، ويرون إدخال الأذى عليه وقتله ، ويحمدون كل من عبناه نحن فإنما أعيبك لأنك رجل اشتهرت بنا بميلك إلينا ، وأنت في ذلك مذموم عند الناس غير محمود الأثر ، لمودتك لنا ولميلك إلينا ، فأحببت أن أعيبك ليحمدوا أمرك في الدين بعيبك ونقصك ، ويكون ذلك منا دافع شرهم عنك ـ يقول الله عزوجل (أَمَّا السَّفِينَةُ فَكانَتْ لِمَساكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَها وَكانَ وَراءَهُمْ مَلِكٌ) يأخذ كل سفينة صالحة غصبا. هذا التنزيل من عند الله سبحانه صالحة ، لا والله ما عابها الا لكي تسلم من الملك ولا تعطب على يديه ، ولقد كانت صالحة ليس للعيب فيها مساغ ، والحمد لله فافهم المثل يرحمك الله تعالى ، فإنك والله أحب الناس الى ، وأحب أصحاب أبي إلى ، حيا وميتا ، فإنك أفضل سفن ذلك البحر القمقام الزاخر ، وان من ورائك لملكا ظلوما غصوبا ، يرقب عبور كل سفينة صالحة ترد من بحر الهدى ، ليأخذها غصبا فيغصبها وأهلها ، فرحمة الله عليك حيا ورحمته ورضوانه عليك ميتا ، ولقد ادى الى ابناك الحسن والحسين رسالتك ، أحاطهما الله وكلاهما ورعاهما وحفظهما ، بصلاح أبيهما ، كما حفظ الغلامين ، فلا يضيقن صدرك من الذي أمرك ابى عليهالسلام وأمرتك به ، وأتاك أبو بصير بخلاف الذي أمرناك به ، لا والله ما أمرناك ولا أمرناه إلا بأمر وسعنا ووسعكم الأخذ به ، ولكل ذلك عندنا تصاريف ومعان توافق الحق ، فلو اذن لنا لعلمتم ان الحق في الذي أمرناكم به ، فردوا إلينا الأمر وسلموا لنا ، واصبروا لأحكامنا وارضوا بها ، والذي فرق بينكم فهو راعيكم الذي استرعاه الله أمر خلقه ، وهو أعرف بمصلحة غنمه ، في فساد أمرها. الحديث (١).
__________________
(١) رجال الكشي ص ١٢٥ ـ ص ١٢٧ طبعة النجف.