أقول : والظاهر انه لهذا كان زرارة ربما قدح في الإمام عليهالسلام وعابه ، كما هو مروي في اخبار ذمه ، بان يكونوا ـ عليهمالسلام ـ رخصوا له ذلك للعلة المذكورة في هذا الخبر.
وبهذا الخبر ايضا يجاب عما ورد في الهشامين ـ رضى الله عنهما ـ لا سيما ما نقل عنهما من القول بالجسم والصورة ، وتقرير الأئمة ـ عليهمالسلام ـ على ذلك وذمهم لهما ، مع ما ورد من الاخبار الدالة على منزلتهما ، ولا سيما هشام بن الحكم.
ونسبة هذين القولين الشنيعين لهما ـ رضى الله عنهما ـ اما ان يكون مع عدم معرفتهما بذلك عن الأئمة ـ عليهمالسلام ـ وهو بعيد ، أو مع معرفتهما بذلك ، وانهما قصدا الى خلاف ما عليه الأئمة ـ عليهمالسلام ـ وهو أشد بعدا. فلم يبق الا ما قلنا من الرخصة لهما في إظهار ذلك دفاعا عنهما بالتقريب المتقدم.
وروى في الكتاب المتقدم في الصحيح أو الموثق عن الحسين بن زرارة ، قال : قلت لأبي عبد الله عليهالسلام : ان ابى يقرأ عليك السلام ويقول : جعلت فداك ، انه لا يزال الرجل والرجلان يقدمان فيذكران انك ذكرتني ، وقلت في. فقال : اقرأ أباك السلام ، وقل له : انا والله أحب لك الخير في الدنيا وأحب لك الخير في الآخرة ، وانا والله عنك راض ، فما تبالي ما قال الناس بعد هذا (١).
(ومنها) ان يكون الإنسان معروفا باسم يعرب عن غيبته كالأعرج والأعمش والأشتر ونحوها.
قالوا : فلا اثم على من يقول ذلك ، فقد فعل العلماء ذلك لضرورة التعريف.
وقال الشهيد الثاني : والحق ان ما ذكره العلماء المعتمدون من ذلك ، يجوز التعويل فيه على حكايتهم ، واما ذكره عن الأحياء فمشروط بعلم رضاء المنسوب اليه به ، لعموم النهى. وحينئذ يخرج عن كونه غيبة. وكيف كان فلو وجد عنه معدلا وامكنه التعريف بعبارة أخرى فهو اولى. انتهى. وهو جيد.
__________________
(١) الكشي ص ١٢٨.