قد أذنوا ورخصوا في جواز شرائه وقبول هبته ونحو ذلك ، فقول صاحب الكفاية هنا ايضا : ان دعوى الاتفاق الذي ذكره فيه غير ظاهر ، غفلة أو تغافل.
وبالجملة ، فإن غاية ما يدل عليه ظاهر الرواية المذكورة : جواز الشراء من الزكاة التي يأخذونها من الانعام كانت أو من الغلات ، مع معارضة ذلك بالأدلة الدالة على المنع من التصرف في مال الغير إلا بإذن صاحبه. وتلك الأدلة قطعية تضعف هذه الرواية عن معارضتها لدلالة العقل والنقل ، كتابا وسنة. والإجماع على ذلك. الا ان ظاهر جملة من الاخبار الاتية مما يعضد هذه الرواية. وبذلك يجب تخصيص الأدلة المذكورة بهذه الاخبار ، مع قطع النظر عن هذه المعارضة.
فغاية ما تدل عليه هو جواز الشراء من الزكاة إذا أخذه الجائر قهرا ، فلا دلالة فيها على الجواز في غيرها ، الا على الاحتمال المتقدم ، ولا على جواز دفع الزكاة إليهم اختيارا ، كما يدعونه في المسألة أيضا.
وقال الأردبيلي ـ رحمهالله ـ ايضا : وعلى تقدير دلالتها على جواز الشراء من الزكاة فلا يمكن ان يقاس عليه جواز الشراء من المقاسمة. وعلى تقديره ايضا لا يمكن ان يقاس عليه جواز قبول هبتها وسائر التصرفات فيها مطلقا كما هو المدعى ، إذ قد يكون ذلك مخصوصا بالشراء بعد القبض ، بسبب لا نعرفه كسائر الأحكام الشرعية. الا ترى ان أخذ الزكاة لا يجوز منهم مطلقا. ويجوز شراؤها منهم.
وقال في الكفاية ـ في الجواب عن هذا الكلام ـ : اما لو سلمنا ان أخذ السلطان وجمعه حق الخراج من الأرضين حرام مطلقا ، حتى لو كان مقصوده جمع حقوق المسلمين وصرفه في مصارفه الشرعية بقدر طاقته ، كان حراما ايضا ، لكن لا نسلم أن إعطاءه لأحد في هذه الصورة هبة أو غير ذلك حرام ، إذا كان الأخذ مستحقا لفقره أو كونه من مصالح المسلمين ، كالغازى والقاضي والذي له مدخل في أمور الدين ، وان كان الأخذ حراما أولا. ولا أجد ـ بحسب نظري ـ دليلا على ذلك ولا الأصل يقتضيه. انتهى.