كما تقدم ، وان بالغ في الكراهة بجعله من قبيل الربا ، والخبرين المذكورين على الجواز.
قلنا : لو كان المعنى كما ذكرت لكان الأنسب في جواب السائلين المذكورين في هذين الخبرين ، بان الخبر المذكور انما أريد به الكراهة دون ما يدل عليه ظاهره من التحريم ، لا انه عليهالسلام يقر السائل على ظاهر الخبر من التحريم وبحمله في أول الخبرين على زمان القائم عليهالسلام وفي ثانيها يكذبه ويرده ، ثم يأمر في الخبرين بالربح على المؤمن بخصوصه كما في الأول ، ومطلقا كما في الثاني.
ومما ذكرناه يظهر ان ما ذكره الأصحاب من الحكم المذكور لا مستند له في الباب ، ولم يحضرني كلام لأحد منهم في المقام زيادة على ما قدمنا نقله عنهم من الكلام.
ومما يؤكد الخبرين المذكورين ـ مما يدل على جواز الربح بل استحبابه ـ أولا ـ : وان المقصود الذاتي من التجارة والأمر بها والحث عليها لأجل الاستغناء عن الناس وكف الوجه عن السؤال والاستعانة بالدنيا على الدين ونحو ذلك ، كما تقدم جميع ذلك في الاخبار المتقدمة ، ومتى كان مكروها في البيع على المؤمنين مع ان جل المشترين بل كلهم في بلاد المؤمنين إنما هم المؤمنون ، فمن اين يحصل ما دلت عليه هذه الاخبار؟!.
وثانيا ـ الأخبار الدالة على ذلك :
منها : ما رواه في الكافي عن محمد بن عذافر عن أبيه ، قال : اعطى أبو عبد الله عليهالسلام أبي ألفا وسبعمائة دينار ، فقال له : اتجر بها. ثم قال : اما انه ليس لي رغبة في ربحها ، وان كان الربح مرغوبا فيه ، ولكني أحببت أن يراني الله جل وعز متعرضا لفوائده ، قال : فربحت له فيها مأة دينار. ثم لقيته فقلت له : قد ربحت لك فيها مأة دينار.
قال : ففرح أبو عبد الله عليهالسلام بذلك فرحا شديدا ، قال لي : أثبتها في رأس مالي ـ الحديث (١).
__________________
(١) الكافي ج ٥ ص ٧٦ حديث : ١٢.