وصيته وإيصال الهدية واذنه في دخول الدار ، على خلاف في ذلك. قال الله تعالى «وَابْتَلُوا الْيَتامى حَتّى إِذا بَلَغُوا النِّكاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْداً فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوالَهُمْ» (١) وقوله تعالى «وَلا تُؤْتُوا السُّفَهاءَ أَمْوالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللهُ لَكُمْ قِياماً» (٢) يعني أموالهم. ولعل قوله «وَارْزُقُوهُمْ فِيها وَاكْسُوهُمْ» (٣) قرينة له. وقوله «فَإِنْ كانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهاً أَوْ ضَعِيفاً أَوْ لا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُمِلَّ هُوَ فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ» (٤).
قيل : السفيه المبذر ، والضعيف الصبي ، لأن العرب تسمى كل قليل العقل ضعيفا ، والذي لا يستطيع التغلب مغلوب على عقله.
وظاهره دعوى الإجماع على الحكم المذكور ، مع انك قد عرفت وجود المخالف في ذلك.
ويظهر من المحقق الأردبيلي في شرح الإرشاد المناقشة في هذا المقام ، حيث قال ـ بعد ما نقل هذا الكلام ـ ما ملخصه : والإجماع مطلقا غير ظاهر ، والآية غير صريحة الدلالة ، لأن عدم دفع المال إليهم وعدم الاعتداد بإملائهم ، لا يستلزم عدم جواز إيقاع العقد وعدم الاعتبار بكلامهم ، خصوصا مع اذن الولي والتمييز.
ويؤيده اعتبار المستثنى ، فإنه لو كان ممن لا اعتداد بكلامه ما كان ينبغي الاستثناء ، ولهذا قيل بجواز عقده إذا بلغ عشرا أو عقده حال الاختيار ، فان ظاهر الاية كون الاختبار قبل البلوغ ، ولئلا يلزم التأخير في الدفع مع الاستحقاق ـ الى ان قال ـ : وبالجملة إذا جاز عتقه ووصيته وصدقته بالمعروف وغيرها من القربات ، كما هو ظاهر الروايات الكثيرة ، لا يبعد جواز بيعه وشرائه وسائر معاملاته ، إذا
__________________
(١) سورة النساء : ٦.
(٢) سورة النساء : ٥.
(٣) سورة النساء : ٥.
(٤) سورة البقرة : ٢٨٢.