٢ ـ تأثير الإسلام على العشائر العراقية :
كان قبل الإسلام يدبر شؤون القبائل أمراء إلا أن الامارات أصابها بعض الوهن ، وصارت إيران في أيامهم الأخيرة تتدخل في شؤونهم أكثر ... مما سبب النفرة والضجر من العجم خصوصا أن وقعة (ذي قار) لا تزال ترن في الآذان ... فلما جاء خالد بن الوليد إلى العراق لم ير تصلبا كبيرا أو تعندا من هذه العشائر وكان من السهل التفاهم معها خصوصا بعد أن رأت شيبان قد مالت إلى الإسلام ، وأميرها المثنى المشهور ، وعجل أيضا ركنت إليها وحاربت في وجه أهل الأبلة ، والحيرة تفاوضت ومثلها الأنبار وقد ضرب الغزاة بعض القبائل من تغلب وبهراء وما ماثل مما مرّت الإشارة إليه ..
وأساسا كان لمحاورة خالد بن الوليد رضي الله عنه مع عرب الحيرة وأعيانها أعظم أثر في قبول الإسلامية وبعض أقسامها ارتبط مع المسلمين بعهد ومعنى ذلك أنها صارت معهم وهكذا الأمر كان في حروب العرب لفارس ، فساعد العرب جيوش المسلمين لأنهم كانوا عربا وتعصبوا للعرب أبناء جلدتهم ومن هذه القبائل قبيلة طيىء وقبائل أخرى ..
ومهما يكن فقد كانت العرب تميل إلى إخوانها في الدم واللغة يؤيد ذلك ما مر بيانه من الأشعار والأقوال ... والمعلوم أن هؤلاء القبائل قد تولد فيهم النشاط ، وزال الخمول وذهب الخوف والخور فاعتزوا وصارت كلمتهم العليا ، وتركوا التقاليد السخيفة من عبادة الأصنام ، أو نار كالمجوس وما ماثل. فذهب عنهم البؤس بأمه ..
ولم يقف الأمر عند هذا الحد وإنما جاءتهم قبائل عديدة قوّت هذا النشاط وزادت في علو الهمة ، ونفثت فيهم روح الحزم والعزم .. فصار الدور لهم ولم يكتفوا بالعراق وحده وإنما مضوا إلى الأطراف الأخرى ، والأقطار النائية ، فصارت غنيمة باردة لهم ، وأكلة مريئة.
مر بنا الكلام على القبائل القديمة ... أما القبائل الجديدة فكثيرة أيضا ولا تكاد تحصى عدا فكأن الجزيرة خلت من سكانها ومالت إلى العراق