٤ ـ القربى في العشائر الحاضرة :
أنساب العرب القبائلية معروفة من قديم الزمان ولا يزالون محافظين عليها ، وهي توافق روحيتها ومزاجها جمعاء ، ولا يزالون يعتمدون عليها في القربى والعداء للتكاتف والمناوأة ونسب القبائل الحاضرة مهم لمعرفة أحوالها بالنظر لبعضها .. ولما كانت هذه العشائر كلها أمية تقريبا فلا يحصل فيها إلا الواحد أو الاثنان من المجموع ممن يستطيع القراءة والكتابة وفي أكثر الأحيان الأمية ضاربة أطنابها عليهم ... فمن هؤلاء لا يؤمل أن يحفظوا أنسابهم فيوصلوها برجال التوراة أو غيرها ..
ـ نعم يحفظون من أنسابهم أنهم لهم صلة قرابة مع القبائل الأخرى أو أنها ليست منها ويعينون درجة ذلك تقريبا وذلك بطريق التلقي عن آبائهم وأجدادهم وأما تعداد آبائهم وأجدادهم بحيث يوصلونها بمن شاؤوا فهذا اختبرته وامتحنته مرارا عديدة فتبين لي غلطه أو التشكيك فيه وعدم صحته فلا يعوّل عليه لقدم العهد واشتباه الأسماء وتداخلها بغيرها ..
فإذا كانوا يتمكنون من وصل الأفخاذ بالعشيرة أو القبيلة وهذا غالب فيهم فلا يستطيعون أن يعينوا الصلة القطعية بين قبيلة وقبيلة بسرد أفراد كل ... وهذا لا يمنع أن يقطعوا في القربى ودرجتها بلا ارتياب .. والمعرفة والتلقي الصحيح .. قد يؤيدان بأدلة لغوية وأوصاف قومية ، وأخلاقية ، وعنعنات كثيرة مشتركة ومحفوظات لا تقبل التردد .. فلو لم تعرف القبائل وصل القرابة بتسلسل الأجداد فلا تشتبه منها بوجه وإن كانت لا تقدر على تعيين الظهور والبطون بالضبط ... فالغالب فيهم حفظ النسب على وجه الصحة إجمالا ولا يغلطون في نسبة قبيلة إلى جذمها القحطاني أو العدناني وصلتها بأصلها ...
ويؤيد هذا التواتر في النقل من تلك القبيلة والقبائل المجاورة والنائية ... زيادة على اللغة ، والمحفوظ لكل قبيلة. فلم نجد قبيلة انتسبت إلى غيرها أو ادعت أنها من غيرها كذبا ، فالتضافر حينئذ للتكذيب والطعن يكون قطعيا لا يقبل الاشتباه ..