فكيف اذا كانت الحياة في بيداء جرداء ، وعادية عوادي ، وهجوم ضواري وحرارة قيظ ، وبرد وقر .. لا يهدأ البدوي من قلق وتوقع اخطار ... فهو دائما في بصيرة نافذة ، والتفاتات جميلة ، ودقة فكرة ... يصدق عليه انه «ثعلب البادية» او «جن الارض» ، ومضرب المثل في الذكاء (العربان غربان) : علمته البادية ما نحن بحاجة إلى الاخذ ببعضه ، ومدرسته الصحراء ، وكتبه الحوادث ، وعلمه حب الحياة ، بل هو (شيطان الفلاة) ، او (عفريت الموامي).
يهزأ من علمنا ، ويسخر من فكرنا ، بل يقطع في جهلنا ، ويرى ان حياتنا مطردة وعلمنا مكرر ، ومثله عملنا هو كل يوم على رزق جديد ، وفي ابتكار عميق ، ودقة فائقة ، ولا تخلو حياته من افراح ، ومن مجالس أنس ، وطيب عيشة ، ويرى ان مزعجاته قليلة ، ويعد عناءه راحة ، ولا يشعر بخطر ... اعتاد هذه الحياة ، والف الحالات المفاجئة ، بل قد يخطر باختياره ، ويناضل برغبته ...
وكل ما نقوله عنه انه :
ينام بإحدى مقلتيه ويتقي |
|
باخرى المنايا فهو يقظان هاجع |
حياة رياضية بطبيعتها ، في سباقها وصيدها ، وفي غزوها وافراحها والعابها ، حياة النضال ، والجيش المدرب المعود ، يقومون بهذه لا للتمرن وحده ، بل للاستفادة.
وفي بيان بعض عوائدهم منتزعة من امور واقعية تبصرة لما هم فيه ، وهي ذات مساس بالآداب او لا تنفك عنها ... ولا تقتصر على فصل القضايا المصطلح عليها بالعرف القبائلي ، وانما هي بعض هذه المطالب ، نريد بها ان نعين الحالة التي هم عليها موضحة بأمثلة ترغيبا في تتبع زائد ، واتصال مكين ، وتدوين صحيح ...