ـ ١٥ ـ
استعراض
من مجرى المباحث والحوادث المارة أن البدو في تنقل ، وعداء أو صلح مع المجاورين ، أو الحكومة وأساس هذا مراعاة المصالح ، وما يرافق الحالة الراهنة. وهذه العلاقات يتكوّن منها حقوق ضافية ... والبدوي لا يقف عند حالة أو وضع ، ولكنه يراعي الوفاء بالعهد ولا يخرق الذمام ... لا يطيق الذل أو الضعف ، وإنما يميل إلى الأنفع ، فلا يرضخ لقوة ، ولا يستكين ...
وأقرب طريق لإدراك أوضاعهم إنما يكون بالرجوع إلى وقائعهم المدونة ، وأن نلاحظ مغازيها ، فهي تميل تارة لواحدة أو تقارع أخرى في أوقات مختلفة ؛ وعند حدوث حالات متجددة ... وفي كل هذه ليس للبدوي منهج معين ، أو خطة ثابتة ، فإذا كانت قبائل شمر مالت إلى الحكومة العثمانية لغرض تقوية نفوذها فقد ثبتت وضعها ، وكذا الحكومة كانت راغبة في كسر قوة العبيد واستخدام شمر على ابن السعود وهذا كان لمنافع متقابلة. ومثله يقال في الضفير ، وفي عنزة ، وآل الرشيد وبني خالد .. وهكذا ما كان يجري بينهم ...
وفي التاريخ أمثلة كثيرة هي خير وسيلة للمعرفة. وفيها كفاية للاطلاع مجملا على سير القبائل بالاستفادة من الحالات الواقعية ... وللقربى دخل في تقوية أواصر الضعيف واعتزازه ، وللقوي سلطة زائدة ...