ـ ١٠ ـ
آخر القول في العوائد
اذا كانت الأمم المتحضرة تقوي آدابها بطرق مختلفة ، وتتخذ الوسائل الكثيرة لتمكينها سواء من ناحية التعليم ، او الجرائد ، والدواوين الشعرية ، والمجامع العلمية ؛ والمطبوعات المختلفة والنشريات المتوالية ... فالبدوي يلقن عوائده وآدابه ، ويحببها بوسائل شبيهة بتلك أو قريبة منها ، ومن أهمها ، الأفراح ، وأيام الأعياد ، والدواوين وهي المجالس والمجتمعات وسائر الحفلات والاجتماعات ابان الحروب ، وفي السباق نسمع حداءهم ، وطواحهم ، أو هجينهم ، أو قصيدهم ، وحكاياتهم ، والهجاء والمدح ...
تقدمت أمثلة بعض ذلك ، ومن أهم ما يراعيه البدوي لهذا التثبيت التكرار ، وأكثر أوقات البدوي فراغ وراحة ، فلا يخلو من تذكر الوقائع ، وتكرار مباحثها ، وتخطر الحوادث أو قصصها ... وأحرص ما يكون عليه ان يقص حوادث نفسه ، أو الوقائع الكبرى لاسلافه يفتخر بها ، ويعد المآثر ، وبيان ما أصابهم من مصيبة ، ثم الانتصار على العدو أو شرح طريق النجاة ... وفي الآداب ما يعين صفحة مهمة لتقوية العوائد ، فترسخ ، ولا يرى البدوي خلافها ، ولا يقبل المناقشة فيها ... وللتلقين أثره في القوم ...
وكتب الأدب ودواوين الشعراء طافحة بما عند القبائل من عوائد قديمة ، وفيها شرح نفسيات لا تختلف في الأكثر عن عوائد هذه الأيام ... وكلها تكاد تكون متماثلة في أوضاعها العامة ، والمجتمع لا يرضى باهانة ، ولا ينام على ضيم ، ويكرم ضيفه ، ويعزّ جاره ، ويحتفظ بعهده. ولكنه لا