الفقه. وأصل مواضيعه ... وتسمى في مصطلح اليوم ب (العرف القبائلي) من دون سائر العوائد ...
ولا نريد في عجالة كهذه ان نتوسع في حقوق القبائل البدوية (عرفها) ، وفصل خصوماتها ، وطريق حلها ... وكفانا أن ندوّن بعض القضايا الواقعية ، ونشرح بعض الأمثلة ، ونراعي صور الحسم من محادثات مع بعض العوارف ، ومناقشات في خصوماتهم ، ومباحثة معهم ومعارضة لأفكارهم بقصد أن نتبين حقيقتها ، ونعلم ماهيتها ... واقتصرنا على ما يكفي للمعرفة والألمام وإلّا طال الأمر ، وصعب كثيرا ، وتشعبت أطرافه .. وعلى كل حال النظر يقتصر على ما يدعو للخصام ومراجعة العارفة ... هذا وأحكام عرفهم متقاربة ، وليس فيها تفاوت كبير والتغلب والاثرة أبقيا أثرا محسوسا فيها من مخالفات وأوضاع تعاملية منها ما لا يأتلف والشريعة الغراء ..
٢ ـ العارفة والعوارف :
لا يقصد البدوي من الالتجاء إلى العارفة سوى حلّ قضيته حلا مرضيا يقطع النزاع ، والا فالتحكم ، والاجبار على صورة حل ترضي جانبا وتغضب الآخر وتضطره أن يقبل بقوة وقسر مما لا يميت الحقوق ، وليس الغرض مجرد الحسم ... ويصدق على مثل هذا قول (حكمت ولا أبالي) ... ولعل التجارب العديدة بصرت بمراعاة (فصل الخصومات) من طريق (العوارف) ... والملحوظ أن الناس كانوا يلجأون إلى الأقوى لحسم النزاع دون ان تلاحظ الصحة استنادا إلى هذه القوة أو أن يميل القوم إلى الطاعن في السن ويطلب حله ... ثم قطع البدو مراحل حتى وصلوا إلى طريق القضاء بواسطة من أهّب نفسه ، وأعدها لفصل الخصومات وكانت له بصيرة. وقديما يقال له (الحكم) ... ويقول أمراء شمر نحن الذين نصبنا عوارفنا واخترناهم من جهة اننا نظرا لمشغولياتنا لا نقدر أن نرى الخصومات بأنفسنا ، فأودعناها إلى من اعتمدناه ، وبمرور الأيام صارت موروثة فيهم ، ولا يعتبر عارفة الا من كان ابوه عارفة ...