٤ ـ اختيار النسب ـ الحب :
عوائد القوم في الزواج مقرونة بتقاليد لم يكن اساسها الجمال وحده كما أن الاختلاط واتصال الجنسين معروف في البدو ، ويراعى اختيار الوالدين في انتخاب الزوجة ... وللتودد دخل ، وأصله الرغبة الخالصة ومثل هذا ليس بالقليل ، وقد يجتمع الأمران ...
إن الضرورة أو الحاجة تدعو إلى الاتصال الدائم والاختلاط المستمر سواء في حلهم وترحالهم ... وفي الأفراح والأعراس يختلط القوم ويشتركون جميعا وهم في هذه الحالة بمنزلة عائلة واحدة ... وكذا الأمور التي تجلب السخط ، والزرايا العامة ، والمصائب الطارئة ... اثناء الغزو وهجوم الأعداء ، أو موت عزيز أو قتله ...
ومن ثم نرى التكاتف ، والتأثر بما يحدث مما يؤدي إلى هذا الاختلاط نوعا ومثله الجيرة ، والقربى ، والمجالس المعروفة بالدواوين ، بل وسكنى الخيام ...
كل هذه من دواعي التحابب والتقرب في الزواج ، ولكن ذلك كله محاط بسياجات قوية من عفاف ، وخوف هما نتيجة تقاليد موروثة مثل النهوة من الأقارب مما لم يبق أملا في العشق والحب أو الرغبة وإلا عرض المرء نفسه لأخطار قد تشترك فيها جميع افراد القبيلة بالتناطح والتطاحن وتحول دون الرغبة في الزواج. وفي هذا يراعى رغبة الزوجة فاذا قالت انا باغيته ، أو أنا ما باغيته فلا يخالفون ذلك ، وغالبا ما تلاحظ الزوجة الشجاعة وحسن السمعة والكرم وسائر الصفات المرغوب فيها ...
كل هذا لا يمنع أن ينتقى النسب الصالح ويغالى فيه والتحوطات لها مكانتها مما تجب مراعاته في الغالب ؛ والمرأة إذا لم تقبل بواحد ورفضته فلا يتقدم عليها أو يأنف قربها بعد أن تعلن أنها راغبة عنه ... وكذلك هو لا يتصل بها وان ملكت جمال العالم وكان في نسبها خلل ، أو في أصلها عذروبة (علة) كما يقولون ...