ـ ٢ ـ الإبل
اذا كانت الخيل وسائط نجاة مهمة لحياة البدوي فلا شك ان الإبل قوام هذه الحياة ووسيلة بقائها وطريقة سد حاجياتها .. فمنها لبنه ، ومنها وبره ومنها لحمه ، وجلدها نافع له ... وهي واسطة نقله من مكان إلى آخر ، وحمل اثقاله فهي في نظره (سفن البر) ... ولولاها لكانت حياته منغصة ، وعيشته مرة ، وآماله ضيقة ... وهذه فيها غناه وثراؤه بل من اعظم ثروة له ، ومن أهم تجارته ، وأكبر واسطة لنماء أمواله ...
لا تعيش للبدوي أنعام وهو في حالة غزو ، وتنقل سريع من مكان إلى مكان الا اذا كانت كهذه الابل تتحمل المشاق ، وتتكبد الصعوبات والاراضي الوعرة ، والفيافي البعيدة عن العمران ... فهي بحق تعدّ أعظم نعمة ناسبت اوضاعه فكأنها خلقت لأجله ، وقدرت له في أصل الخلقة ...
وفي آية (أَفَلا يَنْظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ) دليل الامتنان بهذه النعمة ، ولو لا الابل لما تمكن البدوي ان يبلغ المكان الذي يريده الا بشق الانفس وصعوبتها ، وهكذا المشاهد والمنتفع به أكبر دليل وأعظم نعمة ...
والعرب في آثارهم الكثيرة من كتب الأدب واللغة تعرضوا للكلام عليها ، واوسعوا المباحث ومن اقدم من كتب ، وخص الإبل بمباحث خاصة الأصمعي فقد نشرت له في الأيام الأخيرة رسالتان في الإبل وردتا في (الكنز اللغوي) للدكتور أوغست هفنر استاذ اللغات السامية في كلية فينا. طبعت هذه المجموعة في بيروت سنة ١٩٠٣ والرسالتان احداهما