وهكذا يقصون الحكايات الكثيرة من هذا الموضوع وكلها لا تخلو من دقة وعناية ادبية ... وعندنا ايضا (العرق دساس) ، و (اياكم وخضراء الدمن) والاشعار في هذا الباب كثيرة ...!
والبدو يتلاعبون في البيان ويراعون كل وضع ادبي ، تصدر هذه ممن يعرف كيف يستهويهم بلفظه ، وإشاراته ، وتزويق رأيه مما يزيد في الحكايات رشاقة ، وفي الكلمات رقة وحلاوة ، وفي السبك طلاوة ...
ولا يتيسر هذا لكل بدوي فما كل من نطق خطيب ، ولا كل من كتب بليغ ، ولا من زاول النظم شاعر ... وانما هناك مواهب قرنت بممارسة وتمرين. وكل فتور ، أو ظهور حوادث جديدة يتخذونها موضوعا لتقوية فكرتهم المعتادة من لزوم اختيار الزوجة من نسب عريق ، وأخلاقهم العامة تأبى أن يتناولوا كل مأكل ... وهم كما قيل :
ولو كتموا أنسابهم لعزتهم |
|
وجوه وفعل شاهد كل مشهد |
أو نراهم يقولون :
خواله ما هم من عمامه |
|
دور الاصل والمغني الله |
ابن ابنك ابنك وابن بنتك لا |
ولا يراعون دائما الحب والعشق او الحسن في الدرجة الأولى ، وانما يلتزمون الأصل الصريح ... ويقولون (مضرّبا) لمن أخواله ليس من اعمامه ، أو من أصل رديء وهو المعروف ب (الهجين) ... وهكذا الأمر معتبر عند العرب القدماء ، وفي كتب الأدب مباحث خاصة في الخؤولة عند العرب (١).
__________________
(١) الخؤولة عند العرب ـ سمط اللآلي ج ٢ ص ٧٩٤ ـ ٧٩٥.