وفي الحال الحاضر نشاهد بعض القبائل قد اعتزت بكيانها وعرفت باسمها الجديد فلم يعد يعرف تقريبا الأصل الذي درجت منه ...
وقد بذلنا الجهد في إرجاع كل قبيلة من هذا النوع إلى قريبتها بحيث لم يبق لنا شك في النسبة والتحقيق من أكابر القبائل وحفاظ أنسابها وهم كثيرون. وهنا ليس غرضنا أن ندوّن جمهرة أنساب كما فعل ابن الكلبي وغيره بتعداد الأجداد وإيصالها برجال التوراة فذلك إذا كان متيسرا له فهو الآن صعب بل يكاد يكون ممتنعا ... وإنما المقصود بيان القربى بالنظر للمحفوظ ، واللغة ، والنخوة والعوائد ... مما هو مؤيد بالشهادات للقبائل الأخرى ولا يهمنا تعيين آباء القبائل وتسلسلها خصوصا بعد أن قطعنا أنه مما لا يعوّل عليه ولا يوثق من المحافظة وإنما الأسماء قد تتشابه فيبتلع الكثير منها. وقد صحت الأنساب إجمالا وتواترا ..
رأينا الصعوبة العظيمة في إرجاع كل قبيلة والتحقيق عن نسبتها إلى أرومتها العدنانية أو القحطانية ، أو نجارها الأصلي. مما هو موضع شبهة ، وإلا فالكثير من القبائل لا يرتاب في نسبها وأنها عدنانية أو قحطانية ... ولكن لا تزال بعض القبائل (متحيرة) ونسبتها إلى أحد هذين الجذمين مترددة أو غير معروفة مثل (الصليب) ومن على شاكلتهم من القبائل أو متداخلة لا يمكن تمييز الأصلي فيها والدخيل منها ...
وعلى كل ان القبائل مجموعات ، أو كتلات تتصل مع بعضها لا في العروبة فحسب ، وإنما تعوّل على القرابة النسبية القريبة ، وتعد ذلك سببا قويا للتعارف ، والبعيدة واسطة النفرة ، خصوصا في أيام العداء والحروب ، أو في وقت يتوسم فيه الخصام ...
ومن ثم تقوى جهة المنافرة ، والمفاخرة ، وتعداد المعايب ، والمثالب ، وإثارة الوقائع السالفة ، والحروب الماضية ... أو المزايا الداعية للفخر والتفوق ، فنسمع الطعن من جهة والفخر من أخرى ... وهكذا ...