مرت أمثلة كثيرة تبين صراحة البدوي وصدق لهجته ، وصفاء سريرته ... ونحن في حاجة كبرى إلى أن نتعلم منه المهم من الأخلاق الفاضلة ، والسجايا النبيلة ... وان لا نتهاون في أمرها ، لا أن نفسده وهو سهل الخديعة ، فيتذرع بالوسائل الرذيلة ... ونتمنى ان لا يدخله الاصلاح قبل ان ننال قسطا منه والا سقناه إلى ما نحن فيه ، وبهذا انتهكنا حرمة أخلاقه وعلوها وسموّ سجاياه وفضائلها ... وهل من الصلاح ان نتولى امر الاصلاح ونحن لم نتسلح بما عنده من سجايا ، ونتطلب منه ما هو مفقود وقد قيل (فاقد الشيء لا يعطيه) ..
جلّ آمالنا ان يحتفظ هذا البدوي بحسن سلوكه ، وطيب اخلاقه ، وصفاء نيته إلى ان تتبدل حالة التربية العامة بخير منها ، وتكون اولى مما هي فيه ...
ـ نعم قد تكون في البدوي بعض الصفات التي اكتسبها من حاجته ومحيطه ، ويهزأ بمن يذمها ، أو يلومه من أجلها أمثال الغزو ... ولكن هذه بالنظر إلى منع حوادث الغزو ، والاتفاق والتكاتف بين الدول المجاورة على منعه تغيرت هذه الحالة ، وماتت من نفسها ، وصار يشعر بأن ماله ما اقتناه من طريق مشروع ... وستقوى هذه الخصيصة ويتعود مغزاها في حين انه قبل هذا اذا قيل له :
ـ الله يحرمك من غارة الضحى!
كان يجيب :
ـ وهل (١) وجه ، وهل وجه ...!
يريد بل أنت تحرم منها!! وكانوا يؤدون من غارة الضحى بعض الصدقات عن موتاهم ..!! وغرضهم من غارة الضحى أنها على وجه نهار ، ولم تكن خفية ، أو خلسة ...!
__________________
(١) هل مخفف (هذا ال) يريد وهذا الوجه!