إثبات خلق الناس ، لا على نفى الشريك ، فقدم فى كل سورة ما يقتضيه ما قبله من الآيات.
١١١ ـ قوله : (وَلَوْ شاءَ رَبُّكَ ما فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَما يَفْتَرُونَ) (١١٢) ، وقال فى الآية الأخرى من هذه السورة : (وَلَوْ شاءَ اللهُ ما فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَما يَفْتَرُونَ) (١٣٧) ، لأن قوله : (وَلَوْ شاءَ رَبُّكَ) وقع عقيب آيات فيها ذكر الرب مرّات ، ومنها : (جاءَكُمْ بَصائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ) (١٠٤) (فختم بذكر الرب) (١) ليوافق آخرها أولها ، وقوله : (وَلَوْ شاءَ اللهُ ما فَعَلُوهُ) وقع بعد قوله : (وَجَعَلُوا لِلَّهِ مِمَّا ذَرَأَ) (١٣٦) فختم بما بدأ به.
١١٢ ـ قوله : (إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ مَنْ يَضِلُّ عَنْ سَبِيلِهِ) (١١٧) ، وفى (ن وَالْقَلَمِ) : (إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ) (٧) ، بزيادة الباء ولفظ الماضى ، لأن إثبات الباء هو الأصل ، كما فى (ن وَالْقَلَمِ) وغيرها من السور ، لأن المعنى لا يعمل فى المفعول به ، فنوى الباء ، وحيث حذفت أضمر فعل يعمل فيما بعده. وخصت (٢) هذه السورة بالحذف موافقة لقوله (٣) : (اللهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسالَتَهُ) (١٢٤). وعدل هنا إلى لفظ المستقبل ، لأن الباء لما حذفت التبس اللفظ بالإضافة ، تعالى الله عن ذلك ، فنبّه بلفظ المستقبل على قطع الإضافة ، لأن أكثر ما يستعمل لفظ أفعل (٤) من يستعمله مع الماضى ، نحو : «أعلم من دب ودرج» ، «وأحسن من قام وقعد» ، «وأفضل من حج واعتمر» ، فتنبه. فإنه (من) (٥) أسرار القرآن ، لأنه لو قال : أعلم من ضل بدون الياء مع الماضى لكان المعنى : أعلم الضالين.
١١٣ ـ قوله : (اعْمَلُوا عَلى مَكانَتِكُمْ إِنِّي عامِلٌ فَسَوْفَ
__________________
(١) ما بين الحاصرين سقط من ب.
(٢) فى ب : خصصت.
(٣) فى ب : الموافقة قوله.
(٤) فى ب : بلفظ أفعل.
(٥) سقط من ب.