٢٤ ـ قوله : (وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْواءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ) (١٢٠) ، وفيها أيضا : (مِنْ بَعْدِ ما جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ) (١٤٥) فجعل مكان قول (الَّذِي ما) وزاد فى أوله (مِنْ) ، لأن العلم فى الآية الأولى علم بالكمال ، وليس وراءه علم ، لأن معناه : بعد الذى جاءك من العلم بالله وصفاته ، وبأن الهدى هدى الله ، ومعناه : بأن دين الله الإسلام ، وأن القرآن كلام الله ، فكان لفظ (الَّذِي) (١) أليق به من لفظ (ما) ، لأنه فى التعريف أبلغ ، وفى الوصف أقعد ، لأن (الَّذِي) تعرفه صلته فلا يتنكر قط ، وتتقدمه أسماء الإشارة ، نحو قوله : (أَمَّنْ هذَا الَّذِي هُوَ جُنْدٌ لَكُمْ) «٦٧ : ٢٠» ، (أَمَّنْ هذَا الَّذِي يَرْزُقُكُمْ) «٦٧ : ٢١» فيكتنف (الَّذِي) بيانان : (٢) هما الإشارة قبلها والصلة بعدها ، ويلزمه الألف واللام ، ويثنى ويجمع ، وليس لما شىء من ذلك ، لأنه يتنكر مرة ويتعرف أخرى ، ولا يقع وصفا لأسماء الإشارة ، ولا تدخله الألف واللام ، ولا يثنى ولا يجمع.
وخص الثانى (بِما) لأن المعنى : من بعد ما جاءك من العلم بأن قبلة (اللهِ) (٣) هى الكعبة ، وذلك قليل من كثير من العلم ، وزيدت (٤) معه (مِنْ) التى لابتداء الغاية ، لأن تقديره : من الوقت الذى جاءك فيه العلم بالقبلة ، لأن القبلة الأولى نسخت بهذه الآية ، وليست الأولى مؤقتة بوقت.
وقال فى سورة الرعد : (بَعْدَ ما جاءَكَ) (٣٧). فعبر بلفظ (ما) ولم يزد (مِنْ) لأن العلم هنا هو : الحكم العربى (٥) ، أى :
__________________
السورة : (قالُوا سَمِعْنا وَعَصَيْنا وَأُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ بِكُفْرِهِمْ) [٩٣] ، وقوله : (أَوَكُلَّما عاهَدُوا عَهْداً نَبَذَهُ فَرِيقٌ مِنْهُمْ) [١٠٠].
(١) سقطت من أ.
(٢) فى أ : بنيانات.
(٣) سقطت من ب.
(٤) فى أ : وتزيدت.
(٥) الحكم العربى هو المذكور فى نفس الآية : (وَكَذلِكَ أَنْزَلْناهُ حُكْماً عَرَبِيًّا وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْواءَهُمْ بَعْدَ ما جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ).