القرآن. فكان بعضا من الأول ، ولم يزد فيه (مِنْ) لأنه غير مؤقت ، وقريب من معنى القبلة ما فى آل عمران : (مِنْ بَعْدِ ما جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ) (٦١) فهذا جاء بلفظ (ما) وزيدت فيه (مِنْ) (١).
٢٥ ـ قوله : (وَاتَّقُوا يَوْماً لا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئاً) «٧ ، ٤٨ و ١٢٢ ، ١٢٣» هذه الآية والتى قبلها متكررتان ، وإنما كررت لأن كل واحدة منهما صادفت معصية تقتضى تنبيها ووعظا ، لأن كل واحدة وقعت فى غير وقت الأخرى. والمعصية الأولى : (أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ) (٤٤) ، والثانية : (وَلَنْ تَرْضى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصارى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ) (١٢٠).
٢٦ ـ قوله : (رَبِّ اجْعَلْ هذا بَلَداً آمِناً) (١٢٦) ، وفى إبراهيم : (هَذَا الْبَلَدَ آمِناً) (٣٥) ، لأن (هَذَا) (٢) هنا إشارة إلى المذكور فى قوله : (بِوادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ) (٣٧) قبل بناء الكعبة ، وفى إبراهيم إشارة إلى البلد بعد الكعبة (٣). فيكون (بَلَداً) فى هذه السورة المفعول الثانى ، و (آمِناً) صفته (٤) و (هَذَا الْبَلَدَ) فى إبراهيم المفعول الأول ، و (آمِناً) المفعول الثانى (٥).
__________________
(١) ومما يبين الأغراض المذكورة : ما اقترن بكل منها من الوعيد. ففي الآية الأولى منعه الله بعلمه عن الكفر فى قوله : (وَلَنْ تَرْضى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصارى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللهِ هُوَ الْهُدى) ، وختمها بقوله : (ما لَكَ مِنَ اللهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ). وفى آية الرعد كان العلم مانعا من ترك شطر القرآن ، فكانت خاتمها : (ما لَكَ مِنَ اللهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا واقٍ). أما اتباع أهوائهم فى أمر القبلة فلما كان مما يجوز نسخه كان الوعيد عليه أخف : (وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْواءَهُمْ مِنْ بَعْدِ ما جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ إِنَّكَ إِذاً لَمِنَ الظَّالِمِينَ).
(درة التنزيل ص ٢٨ ، ٢٩).
(٢) سقطت من أ.
(٣) فى ب : بعد البناء.
(٤) فى أ : نعته.
(٥) ما بين الحاصرين سقط من أ.
وفى (درة التنزيل ص ٢٩) : هذا هو المفعول الأول ، والبلد عطف بيان على مذهب سيبويه ، وصفة على مذهب أبى العباس المبرد ، وآمنا مفعول ثان.