(غَفُورٌ رَحِيمٌ) يدل على أنه لا إثم عليه.
٣٥ ـ قوله : (إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (١٧٣) فى هذه السورة ، خلاف سورة الأنعام فإن فيها : (فَإِنَّ رَبَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (١٤٥) ، لأن لفظ الرب تكرر فى الأنعام مرات ، ولأن فى الأنعام قوله : (وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَ جَنَّاتٍ مَعْرُوشاتٍ) (١٤١) الآية. وفيها ذكر الحبوب والثمار ، وأتبعها بذكر الحيوان ، من الضأن ، والمعز ، والإبل ، وبها تربية الأجسام ، فكان ذكر الرب فيها أليق (١).
٣٦ ـ قوله : (إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ ما أَنْزَلَ اللهُ مِنَ الْكِتابِ وَيَشْتَرُونَ بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً أُولئِكَ ما يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلَّا النَّارَ وَلا يُكَلِّمُهُمُ اللهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَلا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ) (١٧٤) الآية فى السورة على هذا النسق ، وفى آل عمران : (أُولئِكَ لا خَلاقَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ وَلا يُكَلِّمُهُمُ اللهُ وَلا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَلا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ) (٧٧) لأن المنكر فى هذه السورة أكثر فالمتوعد (٢) فيها أكثر (٣) ، وإن شئت قلت : زاد فى آل عمران : (وَلا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ)
__________________
(١) لم يذكر المؤلف سر اختصاص آية البقرة وآية النحل بقوله تعالى : (إِنَّ اللهَ) ، (فَإِنَّ اللهَ). والسر أنه تقدم على الآيتين الحديث عن الألوهية وما يختص بها. فتقدم فى البقرة : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّباتِ ما رَزَقْناكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ) ، وختم بقوله : (إِنَّما حَرَّمَ عَلَيْكُمُ) ... كذا وكذا. فتقدم لفظ (اللهِ) وتقدم التحريم ولا يملكه إلّا الله ، والعبادة وهى واجبة لله. وفى النحل : (فَكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللهُ حَلالاً طَيِّباً وَاشْكُرُوا نِعْمَتَ اللهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ) فأشبه ما فى البقرة. وكان لفظ (اللهُ) أولى وأخص بالآيتين. وانظر (درة التنزيل ص ٤٢).
(٢) فى أ : فالمتوكل.
(٣) كثرة المنكر فى آية البقرة بكثرة الذنوب التى ارتكبوها. فقال تعالى فى صدر الآية :
(إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ ما أَنْزَلَ اللهُ مِنَ الْكِتابِ وَيَشْتَرُونَ بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً أُولئِكَ ما يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلَّا النَّارَ ...) الآية. فسجل عليهم : أنهم خالفوا الله فى أمره ، ونقضوا ما عاهدهم عليه ، فى قوله تعالى فى آل عمران : (وَإِذْ أَخَذَ اللهُ مِيثاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ ...) الآية [١٨٧]. فخالفوا وارتكبوا ما حرم الله ثم آثروا القليل من الدنيا على