بِالْمَعْرُوفِ) (٢٣٤) ، وقال فى (الآية) (١) الأخرى : (مِنْ مَعْرُوفٍ) (٢٤٠) ، لأن تقدير الأول [فيما فعلن بأمر الله وهو المعروف ، والثانى] (٢) فيما فعلن فى أنفسهن فعلا (٣) من أفعالهن معروفا ، أى : جاز فعله شرعا (٤).
قال أبو مسلم حاكيا عن الخطيب : إنما جاء المعروف الأول معرّف اللفظ لأن المعنى : بالوجه المعروف من الشرع لهن ، وهو الوجه الذى دل الله عليه وأبانه. والثانى : كان وجها من الوجوه التى لهن أن يأتينه ، فأخرج مخرج النكرة لذلك.
قلت : النكرة إذا تكررت صارت معرفة ، فإن قيل : كيف يصح ما قلت والأول معرفة والثانى نكرة؟ وما ذهبت إليه يقتضى ضد هذا ، بدليل قوله تعالى : (كَما أَرْسَلْنا إِلى فِرْعَوْنَ رَسُولاً. فَعَصى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ) «٧٣ : ١٥ ، ١١٦» ، فالجواب : أن هذه الآية بإجماع من المفسرين مقدمة على تلك الآية فى النزول ، وإن وقعت متأخرة فى التلاوة. ولهذا نظير فى القرآن فى موضع آخر أو موضعين وقد سبق بيانه (٥) ، وأجمعوا أيضا على أن هذه الآية منسوخة بتلك الآية (٦) ، والمنسوخ سابق على الناسخ ضرورة ، فصح ما ذكرت أن قوله :
__________________
(١) سقطت من ب.
(٢) ما بين الحاصرين سقط من أ.
(٣) فى أ : (فعل).
(٤) يفهم ذلك من صدر آية : (وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْواجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً فَإِذا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ فِيما فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ).
أى : لا جناح عليكم فى أن يفعلن فى أنفسهن فعلا هو بأمر الله وهو ما أباحه لهن من التزوج بعد انقضاء العدة فصار المعروف هنا محددا مشهورا. وفى الآية الثانية تخييرا لهن بين أمرين مشروعين هما : القعود ، والزواج. وهما مشروعان ، فلم يكن المعروف الثانى إلا وجها من الوجوه المشروعة غير محدد ، فلهذا خرج مخرج النكرة.
(٥) انظر : الفقرة [٢٦] سورة البقرة.
(٦) أخرج البخارى عن الزبير أنه قال لعثمان : (وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ ...) الآية. قد نسختها الآية الأخرى ، فلم تكتبها؟ فقال عثمان : يا ابن أخى ، لا أغير شيئا من مكانه.
انظر : (البخارى ، هامش فتح البارى ٨ / ٣٣ طبع الهند ، كذلك انظر الناسخ والمنسوخ للنحاس ٧٢ ـ ٧ ط الخانجى).