ولد ، ومتى يكون ولد تشعّبت الدنيا قلبي ، فأحببت التّخلّي من ذلك ، فأجلاه على قتب إلى الشام ، فلما قدم أنزله معاوية معه الخضراء (١) ، وبعث إليه بجارية ، وأمرها أن تعلمه ما حاله ، فكان يخرج من السّحر ، فلا تراه إلّا بعد العتمة ، فيبعث إليه معاوية بطعام ، فلا يعرض له ، ويجيء معه بكسر فيبلّها ويأكل منها ، ثم يقوم إلى أن يسمع النداء فيخرج ، ولا تراه إلى مثلها ، فكتب معاوية إلى عثمان يذكر حاله ، فكتب إليه عثمان : أن اجعله أول داخل وآخر خارج ، ومر له بعشرة من الدقيق وعشرة من الظّهر ، فأحضره وقال : إنّ أمير المؤمنين أمر لك بكذا ، قال : إنّ عليّ شيطانا قد غلبني ، فكيف أجمع على عشرة (٢).
وكانت له بغلة فروى بلال بن سعد عمّن رآه بأرض الروم يركبها عقبة ، ويحمل المهاجر عقبة (٣).
قال بلال بن سعد : وكان إذا فصل (٤) غازيا يتوسّم ـ يعني من يرافقه ـ فإذا رأى رفقة تعجبه اشترط عليهم أن يخدمهم ، وأن يؤذّن ، وأن ينفق عليهم طاقته. رواه ابن المبارك بطوله في «الزهد» (٥).
وقال همّام ، عن قتادة قال : كان عامر يسأل ربّه أن ينزع شهوة النساء من قلبه ، فكان لا يبالي إذا لقي ذكرا أو أنثى ، وسأل ربّه أن يمنع قلبه من الشيطان وهو في الصلاة فلم يقدر عليه ، ويقال : إنّ ذلك ذهب عنه (٦).
وعن أبي الحسين المجاشعي قال : قيل لعامر بن عبد قيس : أتحدّث نفسك في الصلاة؟ قال : نعم ، أحدّث نفسي بالوقوف بين يدي الله تعالى ومنصرفي (٧).
__________________
(١) هي دار الإمارة بدمشق.
(٢) تاريخ دمشق (عاصم ـ عائذ) ٣٣٢ ، الزهد لابن المبارك ٢٩٩ ، ٣٠٠ رقم ٨٦٧.
(٣) الزهد لابن المبارك ٣٠٠ وعقبة : نوبة.
(٤) فصل : أي خرج من منزله وبلده.
(٥) ص ٢٩٩ ، ٣٠٠ رقم ٨٦٧ ، تاريخ دمشق ٣٣٣ ، ٣٣٤.
(٦) تاريخ دمشق ٣٤٥ ، والزهد لابن المبارك ٢٩٥ رقم ٨٦١.
(٧) تاريخ دمشق ٣٤٩.