قال جعفر بن سليمان ، عن مالك بن دينار قال : لما رأى كعب الأحبار عامرا بالشام قال : من ذا؟ قالوا : عامر بن عبد قيس ، فقال كعب : هذا راهب هذه الأمّة (١).
وروى جعفر بن سليمان ، عن أبي عمران الجوني قال : قيل لعامر بن عبد قيس : إنّك تبيت خارجا ، أما تخاف الأسد! قال : إنّي لأستحي من ربّي أن أخاف شيئا دونه (٢).
وروي مثله عن قتادة.
حمّاد بن زيد ، عن أيّوب ، عن أبي قلابة : لقي رجل عامر بن عبد قيس فقال : ما هذا ، ألم يقل الله (وَجَعَلْنا لَهُمْ أَزْواجاً وَذُرِّيَّةً) (٣) يعني : وأنت لا تتزوّج ، فقال : أفلم يقل الله تعالى : (وَما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) (٤).
وقال ابن أبي الدنيا : ثنا محمد بن يحيى الأزدي ، ثنا جعفر بن أبي جعفر الرازيّ ، عن أبي جعفر السائح ، أنبأ أبو وهب وغيره أنّ عامر بن عبد قيس كان من أفضل العابدين ، ففرض على نفسه كل يوم ألف ركعة ، يقوم عند طلوع الشمس ، فلا يزال قائما إلى العصر ، ثم ينصرف وقد انتفخت ساقاه فيقول : يا نفس إنّما خلقت للعبادة ، يا أمّارة بالسّوء ، فو الله لأعلمنّ بك عملا يأخذ الفراش منك نصيبا (٥).
وهبط واديا يقال له وادي السباع ، وفيه عابد حبشيّ ، فانفرد يصلّي في ناحية والعابد في ناحية ، أربعين يوما لا يجتمعان إلّا في صلاة الفريضة (٦).
وقال محمد بن واسع ، عن يزيد بن عبد الله بن الشّخّير : إنّ عامرا كان
__________________
(١) تاريخ دمشق ٣٣٩.
(٢) الزهد لابن المبارك ٢٩٤ ، ٢٩٥ رقم ٨٦٠ ، تاريخ دمشق ٣٤٧.
(٣) سورة الرعد ـ الآية ٣٨.
(٤) سورة الذاريات ـ الآية ٥٦ ، والخبر في : طبقات ابن سعد ٧ / ١٠٦ ، ١٠٧.
(٥) حلية الأولياء ٢ / ٨٨ ، ٨٩ ، تاريخ دمشق ٣٤٨.
(٦) حلية الأولياء ٢ / ٨٩ ، تاريخ دمشق ٣٤٨ في حديث أطول مما هنا.