يأخذ عطاءه ، فيجعله في طرف ثوبه ، فلا يلقاه أحد من المساكين إلّا أعطاه ، فإذا دخل بيته رمى به إليهم ، فيعدّونها فيجدونها سواء كما أعطيها (١).
وقال جعفر بن برقان : ثنا ميمون بن مهران أنّ عامر بن عبد قيس بعث إليه أمير البصرة : مالك لا تزوّج النساء؟ قال : ما تركتهنّ ، وإنّي لدائب في الخطيئة ، قال : ومالك لا تأكل الجبن؟ قال : أنا بأرض فيها مجوس ، فما شهد شاهدان من المسلمين أنّ ليس فيه ميتة أكلته ، قال : وما يمنعك أن تأتي الأمراء؟ قال : إنّ لدى أبوابكم طلّاب الحاجات ، فادعوهم واقضوا حوائجهم ، ودعوا من لا حاجة له إليكم (٢).
وقال مالك بن دينار : حدّثني فلان أنّ عامرا مرّ في الرحبة وإذا ذمّي ، يظلم ، فألقى رداءه ثم قال : لا أرى ذمّة الله تخفر وأنا حيّ ، فاستنقذه (٣).
ويروى أنّ سبب إرساله إلى الشام كونه أنكر وخلّص هذا الذّمّيّ ، فقال جعفر بن سليمان : ثنا الجريريّ قال : لما سيّر عامر بن عبد الله يعني ابن عبد قيس شيعه إخوانه ، وكان بظهر المربد ، فقال : إنّي داع فأمِّنوا ، قال : اللهمّ من وشى بي وكذب عليّ وأخرجني من مصري وفرّق بيني وبين إخوتي ، فأكثر ماله وولده ، وأصحّ جسمه ، وأطل عمره (٤).
وقال الحسن البصري : بعث بعامر بن عبد قيس إلى الشام ، فقال : الحمد لله الّذي حشرني راكبا (٥).
وقال هشام عن قتادة : إنّ عامر بن عبد قيس لما احتضر جعل يبكي ، فقيل : ما يبكيك؟ قال : والله ما أبكي جزعا من الموت ، ولا حرصا على الدنيا ، ولكن أبكي على ظمأ الهواجر وقيام الليل (٦).
__________________
(١) الزهد لابن المبارك ٢٩٥ رقم ٨٦٢ ، تاريخ دمشق ٣٥٦.
(٢) حلية الأولياء ٢ / ٩٠ ، تاريخ دمشق ٣٣٤ ، ٣٣٥.
(٣) حلية الأولياء ٢ / ٩١.
(٤) حلية الأولياء ٢ / ٩١ ، تاريخ دمشق ٣٣٩.
(٥) حلية الأولياء ٢ / ٩١.
(٦) تاريخ دمشق ٣٦٨ ، ٣٦٩.