سكينة خلف سريره ، لئلّا ترى رأس أبيها ، وعلي بن الحسين في غلّ ، فضرب يزيد على ثنيّتي الحسين رضياللهعنه وقال :
نفلّق هاما من أناس أعزّة |
|
علينا وهم كانوا أعقّ وأظلما (١) |
فقال علي : (ما أَصابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَها) (٢) فثقل على يزيد أن تمثّل ببيت ، وتلا علي آية فقال : (فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ) (٣) ، فقال : أما والله لو رآنا رسول الله صلىاللهعليهوسلم مغلوبين ، لأحبّ أن يحلّنا من الغلّ ، قال : صدقت ، حلّوهم ، قال : ولو وقفنا بين يدي رسول الله صلىاللهعليهوسلم على بعد لأحبّ أن يقرّبنا ، قال : صدقت ، قرّبوهم ، فجعلت فاطمة وسكينة يتطاولان ليريا رأس أبيهما ، وجعل يزيد يتطاول في مجلسه ، فيستره عنهما ، ثم أمر بهم فجهّزوا ، وأصلح آلتهم وأخرجوا إلى المدينة (٤).
كثير (٥) بن هشام : ثنا جعفر بن برقان ، عن يزيد بن أبي زياد قال : لما أتي يزيد بن معاوية برأس الحسين جعل ينكت بمخصرة معه سنّه ويقول : ما كنت أظنّ أبا عبد الله بلغ هذا السنّ ، وإذا لحيته ورأسه قد نصل من الخضاب الأسود.
وقال ابن سعد ، عن الواقدي ، والمديني ، عن رجالهما ، أن محفّز بن ثعلبة العائذي ، عائذة (٦) قريش ، قدم برأس الحسين على يزيد فقال : أتيتك يا أمير المؤمنين برأس أحمق الناس وألأمهم ، قال يزيد : ما ولدت أمّ محفّز أحمق وألأم ، لكن الرجل لم يقرأ كتاب الله : (تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشاءُ وَتَنْزِعُ
__________________
(١) تاريخ الطبري ٥ / ٤٦٠ ، المعجم الكبير للطبراني ٣ / ١٢٤ رقم (٢٨٤٨) ، والكامل في التاريخ ٤ / ٨٩ ، ٩٠ ، ومجمع الزوائد ٩ / ١٩٣.
(٢) سورة الحديد ـ الآية ٢٢.
(٣) سورة الشورى ـ الآية ٣٠.
(٤) انظر البدآية والنهاية ٨ / ١٩٤ ، وهو عند الطبراني (٨٠٦).
(٥) في الأصل «كبير» ، والتصويب من (تهذيب التهذيب ٨ / ٤٢٩).
(٦) في الأصل مهملة ، والتصحيح من (اللباب ٢ / ٣٠٧).