وقال المبرّد (١) ثنا المازني قال : السبب الّذي وضعت له أبواب النّحو ، أنّ ابنة أبي الأسود قالت : ما أشدّ الحرّ؟ قال : الحصباء بالرّمضاء ، قالت : إنّما تعجّبت من شدّته ، فقال : أو قد لحن النّاس! فأخبر بذلك عليّا عليه الرضوان ، فأعطاه أصولا بنى منها ، وعمل بعده عليها. وهو أول من نقط المصاحف. وأخذ عنه النّحو عنبسة الفيل ، وأخذ عن عنبسة ميمون الأقرن ، ثم أخذه عن ميمون : عبد الله بن أبي إسحاق الحضرميّ ، وأخذه عنه : عيسى بن عمر ، وأخذه عنه : عيسى الخليل ، وأخذه عن الخليل : سيبويه ، وأخذه عن سيبويه : سعيد بن مسعدة الأخفش.
وقال يعقوب الحضرميّ : ثنا سعيد بن سلم الباهلي : ثنا أبي ، عن جدّي ، عن أبي الأسود قال : دخلت على عليّ فرأيته مطرقا ، فقلت فيم تفكّر يا أمير المؤمنين؟ قال : سمعت ببلدكم لحنا ، فأردت أن أضع كتابا في أصول العربية ، فقلت : إن فعلت هذا أحييتنا ، فأتيته بعد أيام ، فألقى إليّ صحيفة فيها : الكلام كلّه : اسم ، وفعل ، وحرف ، فالاسم ما أنبأ عن المسمّى ، والفعل ما أنبأ عن حركة المسمّى ، والحرف ما أنبأ عن معنى ليس باسم ولا فعل. ثم قال : تتبّعه وزد فيه ما وقع لك ، فجمعت أشياء ، ثم عرضتها عليه.
وقال عمر بن شبّة (٢) : ثنا حيّان بن بشر ، ثنا يحيى بن آدم ، عن أبي بكر ، عن عاصم قال : جاء أبو الأسود إلى زياد فقال : أرى العرب قد خالطت العجم ، فتغيّرت ألسنتهم ، أفتأذن لي أن أصنع للعرب كلاما يقيمون به كلامهم؟ قال : لا ، فجاء رجل إلى زياد فقال : أصلح الله الأمير ، توفّي أبانا وترك بنون ، فقال : ادع لي أبا الأسود ، فقال : ضع للناس الّذي نهيتك عنه أن تضع لهم.
قال الجاحظ (٣) : أبو الأسود مقدّم في طبقات الناس ، كان معدودا في
__________________
(١) قوله في : الأغاني ١٢ / ٢٩٨ ، وطبقات النحويين ٢١.
(٢) في الأصل «شيبة».
(٣) انظر : البيان والتبيين ١ / ٣٢٤ ، والأغاني ٢ پ / ٩٩ ، ومعجم الأدباء ١٢ / ٣٤ ، وبغية الوعاة ٢ / ٢٢ ، وخزانة الأدب ١ / ١٣٦.