فسطاطه ، وجعل فيها نطعا ، وأفرغ فيه الماء ، وهو يتصلّق (١) فيه ، قالوا : ما حملك على الصيام وأنت مسافر؟ قال : لو حضر قتال لأفطرت ولتهيّأت له وتقوّيت ، إنّ الخيل لا تجري الغايات وهي بدّن ، إنّما تجري وهي ضمر ، ألا وإنّ أمامنا باقية جائية لها نعمل (٢).
وقال يزيد بن يزيد بن جابر : كان أبو مسلم الخولانيّ يكثر أن يرفع صوته بالتكبير ، حتى مع الصبيان ، ويقول : أذكر الله حتى يرى الجاهل أنّك مجنون (٣).
وقال محمد بن زياد الألهاني ، عن أبي مسلم الخولانيّ ـ وأراه منقطعا ـ أنه كان إذا غزا أرض الروم ، فمرّوا بنهر قال : أجيزوا باسم الله ، ويمرّ بين أيديهم ، فيمرّون بالنهر الغمر ، فربّما لم يبلغ من الدّوابّ إلّا الراكب ، فإذا جازوا قال : هل ذهب لكم شيء ، فألقى بعضهم مخلاته ، فلما جاوزوا قال : مخلاتي وقعت ، قال : اتبعني ، فاتّبعته ، فإذا بها معلّقة بعود في النهر ، فقال : خذها (٤).
وقال سليمان بن المغيرة ، عن حميد الطّويل : إنّ أبا مسلم أتى على دجلة ، وهي ترمي بالخشب من مدّها ، فوقف عليها ثم حمد الله وأثنى عليه ، وذكر مسير بني إسرائيل في البحر ثم لهز دابّته ، فخاضت الماء ، وتبعه الناس حتى قطعوا ، ثم قال : فقدتم شيئا ، فأدعو الله أن يردّه عليّ؟ (٥). وقال عنبسة بن عبد الواحد : ثنا عبد الملك بن عمير قال : كان أبو مسلم الخولانيّ إذا استسقى سقي (٦).
__________________
(١) تصلّق : تقلّب على جنبه. (لسان العرب ـ مادّة : صلق). وفي النهاية في غريب الحديث لابن الأثير : تصلّق الحوت في الماء إذا ذهب وجاء.
(٢) تاريخ داريا ٦١ ، تاريخ دمشق ٥٠٠ ، حلية الأولياء ٢ / ١٢٧ ، وانظر : الزهد لابن المبارك ٥٢٨ رقم ١٥٠١.
(٣) تاريخ دمشق ٥٠١.
(٤) تاريخ دمشق ٥٠٣.
(٥) تاريخ دمشق ٥٠٣.
(٦) تاريخ دمشق ٥٠٥.