فكفّت (١) الحربة ، فجعل الناس يصيحون : الأنبياء لا يجوز فيهم السلاح. فلما رأى ذلك رجل من المسلمين تناول الحربة ومشى إليه فطعنه فأنفذه.
قال الوليد بن مسلم : فبلغني أنّ خالد بن يزيد بن معاوية دخل على عبد الملك فقال : لو حضرتك ما أمرتك بقتله ، قال : ولم! قال : كان به المذهّب (٢) ، فلو جوّعته ذهب ذلك عنه (٣).
قال الوليد ، عن المنذر بن نافع أنّه سمع خالد بن اللّجلاج يقول لغيلان : ويحك يا غيلان ، ألم نأخذك في شبيبتك ترامي النساء في شهر رمضان بالتّفّاح ، ثم صرت حارثيّا تحجب امرأته ، وتزعم أنّها أمّ المؤمنين ، ثم صرت قدريّا زنديقا (٤)؟.
وقال موسى بن عامر : ثنا الوليد بن مسلم ، ثنا ابن جابر قال : دخل القاسم بن مخيمرة على أبي إدريس فقال : إنّ حارثا لقيني فأخذ عهدي لأسمعنّ منه ، فإن قبلته قبلته وإن سخطته كتمت عليّ. فزعم أنّه رسول الله ، قلت : إنّه أحد الدّجّالين الذين أخبر رسول الله صلىاللهعليهوسلم أنّ الساعة لا تقوم حتّى يخرج ثلاثون دجّالا ، كلّهم يزعم أنّه نبيّ ، وهو أحدهم (٥) ، فارفع شأنه إلى عبد الملك ، فقال أبو إدريس : أسأت ، لو أدنيته إلينا حتّى نأخذه ، قال : ورفع أمره إلى عبد الملك فطلبه وتغيّب ، فأخذه عبد الملك فصلبه ، فحدّثني من سمع عتبة الأعور يقول : سمعت العلاء بن زياد يقول : ما غبطت عبد الملك بشيء من ولايته إلّا بقتله حارثا.
وقال ضمرة بن ربيعة : ثنا عليّ بن أبي حملة قال : لما ظهر الحارث أتاه مكحول ، وعبد الله بن أبي زكريا ، وجعلا له الأمان ، وسألاه عن أمره ، فأخبرهما ، فكذّباه وردّا عليه ، وقالا : لا أمان لك ، ثم أتيا عبد الملك
__________________
(١) في تهذيب تاريخ دمشق «فكعب الحربة».
(٢) في التهذيب : «قال إن معه شيطانا يقال له المذهب».
(٣) تهذيب تاريخ دمشق ٣ / ٤٤٧ ، ٤٤٨.
(٤) التهذيب ٣ / ٤٤٨.
(٥) التهذيب (حتى هنا) ٣ / ٤٤٥.