وروى أبو عاصم ، عن عمر بن قيس قال : كان لابن الزّبير مائة غلام ، يتكلّم كلّ غلام منهم بلغة ، وكان ابن الزّبير يكلّم كلّ واحد منهم بلغته ، وكنت إذا نظرت إليه في أمر الدنيا قلت هذا رجل لم يرد الله طرفة عين ، وإذا نظرت إليه في أمر آخرته قلت هذا رجل لم يرد الدنيا طرفة عين (١).
وروى الأعمش ، عن أبي الضّحى (٢) قال : رأيت على رأس ابن الزّبير من المسك ما لو كان لي كان رأس مال (٣).
قلت : وكان في ابن الزّبير بخل ظاهر ، مع ما أوتي من الشجاعة.
قال الثّوريّ ، عن عبد الملك بن أبي بشير ، عن عبد الله بن مساور قال : سمعت ابن عبّاس يعاتب ابن الزّبير في البخل ويقول : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «ليس المؤمن الّذي يبيت وجاره جائع» (٤).
وقال عبيد الله بن عمرو الرّقّيّ (٥) ، عن ليث بن أبي سليم قال : كان ابن عبّاس يكثر أن يعنّف ابن الزّبير بالبخل ، فقال : لم تعيّرني؟ فقال : سمعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول : «إنّ المؤمن لا يشبع وجاره وابن عمّه جائع (٦)».
وقال يعقوب القمّيّ ، عن جعفر بن أبي المغيرة ، عن ابن أبزى ، عن عثمان : أنّ ابن الزّبير قال له حيث حصر : إنّ عندي نجائب قد أعددتها لك ، فهل لك أن تحوّل إلى مكة فيأتيك من أراد أن يأتيك؟ قال : لا ، إنّي سمعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول : «يلحد بمكّة كبش من قريش اسمه عبد الله ، عليه مثل نصف أوزار الناس». رواه أحمد في «مسندة» (٧) عن إسماعيل بن أبان ، عن القمّي.
__________________
(١) انظر حلية الأولياء ١ / ٣٣٤ ، تاريخ دمشق ٤٥٧.
(٢) هو مسلم بن صبيح القرشي الكوفي ، مولى آل سعيد بن العاص.
(٣) تاريخ دمشق ٤٥٧.
(٤) الحديث في تاريخ دمشق ٤٥٨ ، ويقوّيه حديث «لا يشبع الرجل دون جاره» في مسند أحمد ١ / ٥٥.
(٥) مهملة في الأصل.
(٦) تاريخ دمشق ٤٦٠.
(٧) ج ١ / ٦٤.