ربيع الأول ، ولم ينتطح فيها عنزان ولا اختلف سيفان ، فنزل في دار والده وهي دار العقيقي ، وهي التي بنيت مدرسة الملك الظاهر بيبرس وأحسن إلى أهل دمشق غاية الاحسان وكان في القلعة اذ ذاك الطواشي جمال الدين ريحان الخادم ، فلم يزل يكاتبه ويفعل له في الذروة والغارب حتى استماله وأجزل نواله فسلمها إليه ووفد عليه ومثل بين يديه ، فأكرمه واحترمه وأحسن اليه ، وأظهر أنه احق بتربية ولد نور الدين لما له عليهم من الاحسان المتين ، وذكر أنه خطب لنور الدين بديار مصر ، وضرب باسمه السكة ، ثم عامل الناس بالجميل ، وأمر بوضع ما حدث بعد نور الدين من المكوس والضرائب في أيام ولده اسماعيل الصالح ، وكان قاضي دمشق قاضي القضاة كمال الدين محمد بن عبد الله الشهرزوري ، وتوفي في أول سنة اثنتين وسبعين وخمسمائة ، وكان من خيار القضاة وأخص الناس بنور الدين الشهيد رحمهمالله تعالى ، وفي سنة ثلاث وسبعين كسرته الفرنج على الرملة ، وفي سنة خمس وسبعين كسرهم وأسر ملوكهم وأبطالهم ، وفي سنة ست أمر ببناء قلعة القاهرة على جبل المقطم ، وفي سنة ثمان عبر الفرات وفتح سنجار وسروج ونصبين وامد والرها وحران والرقة والبيرة ، وحاصر الموصل ، وملك حلب المحروسة ثم حاصر الموصل ثانيا وثالثا ، وأنزل أخاه العادل عن قلعة حلب المحروسة وسلمها لولده الملك الظاهر غازي وعمره احدى عشرة سنة ، وسير أخاه العادل الى مصر ثانيا ، وكان تقي الدين عمر بها فقدم الشام ، وفي سنة ثلاث وثمانين فتح السلطان صلاح الدين رحمهالله تعالى طبرية ، ونازل عسقلان ، وكانت وقعة حطين ، وكان الفرنج فيها أربعين ألفا فأخذهم عن بكرة أبيهم وأسر ملوكهم ، وأخذ عكا وبيروت وقلعة كوكب والسواحل ، وسار فأخذ القدس الشريف بالأمان بعد قتال ليس بالشديد ، ودخل قراقوش التركي مملوك تقي الدين عمر المغرب فاستولى على أطرافها ، وكسر عسكر تونس ، وخطب لبني العباس ، ثم ان الفرنج نازلوا عكا مدة طويلة ، وكانوا مما لا يحصون كثرة ، يقال بلغت جموعهم مائة ألف ويقال ستمائة الف ، وقتل منهم مائة الف ، وتعب المسلمون واشتد الأمر وآل إلى أخذها قال عبد اللطيف : ومدة أيامه لم يختلف