عليه أحد من أصحابه ، وكان الناس يأمنون ظلمه ويرجون بره ، واكثر ما كان عطاؤه يصل الى أهل العلم وأهل البيوتات ، ولم يكن ليمطل ، ولا لصاحب هزل عنده نصيب ، وكان حسن الوفاء بالعهد ، حسن القدرة اذا قدر كثير الصفح ، واذا نازل بلدا واشرفوا على أخذه ثم طلبوا منه الأمان امنهم ، فكان يتألم جيشه لذلك ، لفوات حظهم ، وقد عاقد الفرنج وهادنهم عند ما ضرس عسكره الحرب ومكر ، وقال القاضي بهاء الدين بن شداد : قال السلطان في بعض محاوراته في الصلح ، أخاف أن أصالح ، وما أدري أي شيء يكون مني ، فتقوى يد العدو ، وقد بقيت لهم بلاد فيخرجون الاستفادة ما في أيدي المسلمين ، ويرى كل واحد من هؤلاء يعني أخاه ويعني أولاده وأولاه أخيه قد قعد في رأس تلة يعني قلعة وقال لا أنزل ، ويهلك المسلمون ، فكان والله كما قال ، توفي رحمهالله تعالى عن قريب ، واستقل كل واحد من أهل بيته بناحية ، ووقع الخلف بينهم فكان الصلح مصلحة ، فلو قدر موته والحرب قائمة لكان الاسلام على خطر.
وقال أبو المظفر بن الجوزي : حسب ما أطلعه مدة مقامه على عكا مرابطا للفرنج الى انتقاله ، كان معه اثنا عشر الف رأس من الخيل العراب والأكاديش الجياد ، وقال المنذري : ومآثره رحمهالله تعالى في فتح بيت المقدس والاستيلاء على معاقل الفرنج وبلادها بالساحل مشهورة ، ومكارمه فيما أرصده في وجوه البرّ بالديار المصرية والشامية مذكورة ، وقال ابن خلكان : قدم به أبوه وهو رضيع ، فناب أبوه بعلبك لما أخذها الأتابك زنكي في سنة ثلاث وثلاثين ، ثم خدم نجم الدين أيوب وولده صلاح الدين نور الدين الشهيد فصيرهما آمرين وكان أسد الدين أرفع منهما منزلة عنده ، فانه كان مقدم جيوشه ، وولي صلاح الدين وزارة مصر وهي كالسلطنة في ذلك الوقت سنة أربع وستين ، فلما هلك العاضد في أول سنة سبع استقل بالأمر مع المداراة لنور الدين ومخادعته الى أن قال : وفي سنة ثلاث وثمانين افتتح بلاد الفرنج وقهرهم واباد عساكرهم واسر ملوكهم وفتح القدس وعكا وطبرية وغير ذلك ، وافتتح في هذا العام من الفتوحات ما لم يفتحه ملك قبله ، فطار صيته في الدنيا ، وهابته الملوك ، وبقي مرابطا على عكا نحو من