يواكله وكان قليل الأمراض ، وكان يكثر من اقتناء السراري ، وكان عفيف الفرج ، لا يعرف له نظر إلى غير حلاله ، نجب له أولاد ، وكان العادل قد وقع بغضه في قلوب رعاياه ، والمخامرة عليه في قلوب جنده ، وعملوا في مقتله أنواعا وأصنافا من الحيل الدقيقة مرات كثيرة ، وعند ما يقال أن الحيلة قد تمت تنتسخ وتنكشف وتنحسم موادها ، ولو لا أولاده يعولون بلاده لما ثبت ملكه بخلاف أخيه صلاح الدين فإنه إنما حفظ ملكه بالمحبة له وحسن الطاعة ، ولم يكن بالمنزلة المكروهة ، وإنما الناس قد ألفوا دولة السلطان صلاح الدين وأولاده ، فتغيرت عليهم العادة دفعة واحدة ، ثم أن وزيره ابن شكر بالغ في الظلم وتفنن ، ومن صفات العادل الجميلة انه كان يعرف حق المحبة والصحبة ، ولا يتغير على أصحابه ولا يضجر منهم ، وهم عنده في حظوة ، وكان يواظب على خدمة أخيه السلطان صلاح الدين ، يكون أول داخل عليه وآخر خارج من عنده ، وكان أخوه يشاوره في الأمور لما جرب من نفوذ رأيه ، وحصل له في آخر عمره ضعف ورعشة توضأ مرة فقال : اللهم حاسبني حسابا يسيرا ، فقال له رجل فاجر : يا مولانا ان الله قد يسر حسابك قال : ويلك وكيف ذلك ، فقال : إذا حاسبك فقل له المال كله في قلعة جعبر لم افرط منه في قليل ولا كثير ، وكانت خزانته بالكرك ثم نقلها إلى قلعة جعبر ، ثم نقلها إلى قلعة دمشق ، فحصلت في قبضة المعظم فلم ينازعه فيها اخوته ، توفي بعالقين بقرب دمشق في جمادى الآخرة ، فحمل إلى القلعة ، فلما صار بالقلعة أظهروا موته ودفنوه بالقلعة ، ثم نقل إلى تربته بمدرسة في سنة تسع عشرة ، وكان له من الأولاد الذكور سبعة عشر ولدا ، مات بعضهم في حياته ، وكان يعتريه مرض في أنفه في زمن الورد ويضرب له الوطاق بمرج الصفر ، ثم يدخل البلد بعد ذلك انتهى ، وقال ابن كثير في سنة أربع عشرة وستمائة : وفيها انقضت الهدنة التي كانت بين العادل والفرنج ، واتفق قدوم العادل من مصر فاجتمع هو وابنه المعظم ببيسان ، فركبت الفرنج من عكاء وبمقدمتهم وصحبتهم ملوك السواحل كلهم وساروا كلهم قاصدين معافصة الملك العادل فلما أحس بهم فر منهم لكثرة جيوشهم وقلة من كان معه ، فقال له ابنه