المعظم إلى أين يا أبت؟ فشتمه أبوه بالعجمية ، وقال له : أقطعت الشام مماليك وتركت ابناء الناس بها خلقا ، فتوجه العادل إلى دمشق وكتب إلى واليها المعتمد ليحصنها من الفرنج وينقل إليها من المغلات من داريا وغيرها إلى القلعة ، ويرسل الماء على أراضي داريا وقصر حجاج والشاغور ففزع الناس من ذلك وابتهلوا إلى الله تعالى بالدعاء ، وكثر ضجيجهم بالجامع ، وأقبل السلطان فنزل بمرج الصفر ، وأرسل إلى ملوك الشرق لقتال الفرنج ، فكان أول من ورد صاحب حمص أسد الدين شيركوه فتلقاه الناس ، فدخل من باب الفرج ، وجاء فسلم على ست الشام بدارها عند البيمارستان ، ثم عاد إلى داره ، ولما قدم أسد الدين المذكور سري عن الناس وأمنوا ، ولما أصبح توجه إلى السلطان بمرج الصفر ، وأما الفرنج فإنهم وردوا إلى بيسان فنهبوا ما كان بها من الغلات والدواب ، وفتكوا وأسروا أشياء كثيرة وعاثوا في الأرض فسادا يقتلون وينهبون ويسبون ما بين بيسان إلى بانياس ، وخرجوا إلى أراضي الجولان إلى نوى وخسفين وغير ذلك من الأراضي ، وسار الملك المعظم فنزل على عقبة اللبن بين نابلس والقدس خوفا على القدس الشريف ، ثم حاصرت الفرنج حصن الطور حصارا هائلا ومانع فيه الذين به من الأبطال ممانعة عظيمة ، ثم كر الفرنج راجعين إلى عكا ، وجاء الملك المعظم إلى الطور فخلع على الأمراء الذين به وطيب نفوسهم ، وأمر بخرب حصن الطور فخرب ، ونقل ما فيه من آلات الحرب إلى البلدان خوفا عليها من الفرنج ، ثم التقى المعظم والفرنج على القيمون فكسرهم وقتل منهم خلقا كثيرا ، وأسر من الداورية مائة فأدخلهم القدس منكسة أعلامهم ثم قصدوا بلاد مصر من ثغر دمياط فنزلوا عليه فحاصروه مدة أربعة أشهر ، والكامل محمد مقابلهم يقاتلهم ويمانعهم ويصدهم عما يريدون ، فتملكوا على المسلمين برج السلسلة وهو كالقفل على ديار مصر ، وصفته في وسط جزيرة في النيل عند انتهائه إلى البحر ومن هذا البرج إلى دمياط ، وهو على شاطيء النيل ، وعلى حافته سلسلة منه إلى الجانب الآخر وعليه الجسر وسلسلة اخرى لتمنع دخول المراكب من البحر إلى النيل ، ولما ملكت الإفرنج هذا البرج